د.سليمان بن عبد الله السكران - صحيفة الاقتصادية

عدد القراءات: 1144

نستغرب جداً ويستغرب أي منصف كيف يكون في مجتمعنا مثل هذه المعدلات من الفقراء والمعوزين حتى وإن كانت هذه الأرقام والإحصاءات ربما تخلو من الدقة، وذلك شأنها شأن عدم اهتمامنا بالمعلومات والأرقام المهمة مثل معدلات البطالة وغيرها. ولذا لا تجد كباحث رقماً معيناً أو مؤشراً دقيقاً، بل تجمع الصورة من هنا وهناك إما كتقديرات من مؤسسات حكومية أو شبه حكومية وإما من منظمات دولية غير المسوحات الإحصائية وخلافها. وأياً كان الحال فالأرقام بكل تأكيد لا يمكن أن تكون إلى هذه الدرجة من المبالغة بحكم المشاهدة على الأقل وذلك في بلد اقتصادي كبير، وعلى الرغم مما توفره حكومة خادم الحرمين الشريفين (أمد الله في عمره) من إنفاق حكومي عظيم وبرامج مساعدات وإقراض وحوافز على جميع الأصعدة. ومن تلك الأذرعة الإنمائية مصلحة الزكاة والدخل في دعمها الفقراء بحكم أن هذه المصلحة تعنى بالدرجة الأولى بالزكاة وبعدها مداخيل الضرائب على ما لا ينطبق عليه مفهوم الزكاة من استثمارات ونحوها. ولقد قسَّم الشارع الحكيم بنص صريح أوجه صرف الزكاة، حيث جاء بأول القائمة الفقراء فقد قال تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ …” الآية الكريمة من أهل الزكاة الثمانية. وفي هذا الإطار ينبغي أن تكون هذه الفئة من أولويات الصرف من المنشأة التي تجبي الزكاة وهي مصلحة الزكاة والدخل. وحين تضع المداخيل الرأسمالية لهذه المصلحة، حيث ورد في خبر سابق عنها أن هذه المصلحة حولت فقط للضمان الاجتماعي ما يوازي 23.8 مليار ريال خلال السنوات الخمس الماضية. وفي المقابل حين تقرأ عن الفقر في السعودية وترى بعض الإحصاءات المخيفة مثل أن التقديرات من واقع إحصاءات الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر تشير إلى أن نحو 30 في المائة من الأسر السعودية تسكن في مساكن غير لائقة، إذ تبلغ تقريباً هذه الأسر نحو 695 ألف أسرة. طبقاً لجريدة “الشرق الأوسط” (الخميس 3 شعبان 1431هـ). إن هناك تناقضا رهيبا بين ما نراه على الواقع وبين إمكانية المداخيل الرأسمالية الموجَّهة لمكافحة الفقر وكأننا فعلاً أمام مرض مستشر، إذ إن الأولى في مثل إمكاناتنا الاقتصادية أن يكون القضاء على الفقر وليس فقط مكافحته. إن لمعادلة محاربة هذه الأزمة الاجتماعية الإنسانية وما هيئ وسيهيأ لها من مقدرات لتدعو إلى التوقف والتأمل كثيراً، خصوصاً من جانب الصرف لهذه الأموال. فهل هي فعلاً لا تصل إلى أصحابها المستحقين أم ماذا؟ هناك مناح عديدة عملت عليها الدولة للرفع من المستوى المعيشي وتأمين العيش الكريم لمواطنيها وهي عديدة مثل بنوك الإقراض وغيرها، ولكن يبدو أن النسب في المحتاجين ربما أكبر من ذلك أو أن هناك خللاً في الآلية التي تنتهجها مؤسسات الصرف تلك.

إن التمايز بين طبقات المجتمع بشكل كبير وخلق هوة أكبر بين موسرين وفقراء لهو أكبر معول هدم اقتصادي واجتماعي لأي اقتصاد كان. لذا فالمسألة ليست بالهامشية لكون ذلك مرتكزاً في قوام الاقتصاد والمجتمع. بالطبع الفقر والبطالة متلازمان في منظومة واحدة منتهاها سوسة تنخر في عظم القوة الاقتصادية، فهل نراجع هذه الآلية لإصلاح الخلل؟ فبلد مثل اقتصادنا من الصعب جداً أن ينتهي مجتمعها بنسب فقراء مخيفة لهذه الدرجة. لذا فالسؤال هو عنوان هذا المقال: أين الزكاة من الفقراء؟ ففي ظني أنه لو صرفت زكاة الأموال في السعودية على فقرائها فلن تجد فقيراً واحداً، ولتكن مؤسسات الإقراض الحكومية أو شبه الحكومية تخدم في مسار إيجاد سبل التوظيف للمجتمع مثل إنشاء المشاريع الصغيرة وما إلى ذلك من آليات تضمن توظيف المجتمع والاكتساب.

المصدر : صحيفة الاقتصادية -