الحق العام المهمل!
يوسف الكويليت - جريدة الرياض
من غير المنطقي أن تتجاهل شكاوى يُجمع عليها غالبية المواطنين، ولا تعطيها الجهات المختصة الاهتمام الذي يدفع الغبن عن المغبون من خلال التحقيق وفرض الجزاءات، ليس كخيار وإنما كقانون ينصف أي إنسان مدعياً كان، أو مدّعى عليه..
مثلاً هناك العديد من الانتقادات التي توجّه لفواتير شركات الكهرباء والهاتف بالمغالاة في الأجور، فيما يعتقد البعض أن هناك تلاعباً يحدث يكتشفه صاحب الحق عند مراجعته لتلك الجهات، ومع ذلك لا يصدر أي أسف أو تعويض، والسبب يأتي من تغيير أنظمة الحاسب الآلي، كما حدث في لخبطة الخطوط الجوية السعودية وتضارب رحلاتها وتعطيلها..
هيئة حماية المستهلك تدعي أنها جهاز صغير، وغير مخوّل لأنْ يعاقب وإنما يرفع الدعاوى والمشاهدات، ويبقى الفصل في أيدي المحاكم والشرطة والأجهزة الأخرى المعنية بذلك، والكل يهرب من المسؤولية في وقت نجد معاناة أصحاب الدخول المحدودة، هم من يقع عليهم تبعة أخطاء تلك الإدارات وتجاوزاتها..
تفعيل الدور الأهلي بأن تشكل لجان مراقبة غير خاضعة في اختصاصاتها لأي إدارة حكومية، ربما يوجد المعادلة الناقصة بين أصحاب الحقوق، لأن تجربة الفصل في قضايا كثيرة، حكم بها ديوان المظالم، أو محاكم أخرى تخضع لقوة ونفوذ من وقع عليه الحق، ولذلك تجاهلت وزارات وإدارات حكومية وشركات ما صدر ضدها لأن لديها حصانة ذاتية من تنفيذ الحكم، وهو ما حدث بشكل خاص لتجاوزات إدارات الهاتف والكهرباء، وما يحدث حتى الآن للتلاعب بالفواتير التي تحوّل لذمة أجهزة الحاسب، وكأن من يديرها ويغذيها بالمعلومات خارج تلك الدوائر، وهي المسؤولية التي لا نعرف من المقصر، ومن يقع عليه الجزاء أمام التذرع بالأجهزة وأخطائها، ثم إذا كانت هذه الأجهزة لا تدار بكفاءات مميزة، فيجب البحث عن مميزين لديهم قابلية الأداء الجيد، والعذر في مثل هذه التجاوزات لا يعفي المسؤولية عن كل من ينتمي لتلك الإدارات، بدءاً من مجالس إداراتها، وإلى أصغر موظف أمام حق عام يخص غالبية المواطنين..
المواطن صار الطرف الضعيف أمام من يتلاعب بحقوقه من تجار يرفعون أسعارهم، أو يدخلون المغشوش من البضائع، أو شركات أدوية وأغذية أخرى، أو من يرفضون توظيفه أو مضاعفة حالات الابتزاز التي تصل إلى حد إفراغ جيوبه لصالح من يتحكمون بضرورات الحياة، ويحددون قيَمها وفقاً لإرادتهم في وجود رقيب يحمل الاسم ولا يمارس مهنته وصلاحياته، حتى إن تقليص حجم الرغيف وعبوات المياه والألبان وغيرها، وبيعها بسعر يرتفع في كل مناسبة، صار معياراً لنفوذ صاحب الإرادة القوية من التجار والشركات وغيرهما..
الغريب أن المطالبة بالتشهير خرجت لها أعذار ساذجة، وفي غيابها صار التلاعب شريعة المعتدين على حقوق المواطنين..
المصدر : جريدة الرياض -