من أجل حقوق الإنسان
حمد الناصر الحمدان - جريدة اليوم
الإنسان في ضعفه وما يقع عليه من مظالم ، يحتاج إلى مؤسسات ترفده وتدعمه في مجال حقوقه الإنسانية التي يصعب عليه نيلها وتحقيقها لأي سبب . وهذه المؤسسات أو الهيئات في منطق العصر هي (مؤسسات المجتمع المدني) . التي تحتل بالدول المتقدمة مكانة بارزة ، وتلعب دورا فاعلا ومؤثرا في حياة المجتمع لصالح مكوناته البشرية . لهذا فإن الأنظمة السياسية والمؤسسات والهيئات الرسمية ، تأخذ مواقف (مؤسسات المجتمع المدني) بجدية ، قبل شروعها بأي عمل تجاه الإنسان .
وفي بلدنا تعتبر هذه المؤسسات في طورها الجنيني لعدة عوامل ـ رغم الحاجة إليها ـ وحتى الآن على مستوى الواقع ، تكونت منها (هيئة حقوقالإنسان ذات الطابع الرسمي . والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان) بالإضافة إلى عدد من الجمعيات الحقوقية ، تعتبر تحت التأسيس ، بانتظار الموافقة من جهات الاختصاص للإعلان عن وجودها .
ولأن (هيئة حقوق الإنسان) المكونة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (207) وتاريخ 8/8/1426 هـ تعتبر الأكثر نفوذا على الصعيد الرسمي ، لكونها تحظى باهتمام معين . لهذا فإنها مطالبة أكثر من غيرها بتفعيل دورها ومكانتها على كافة مستويات حقوق الإنسان . رغم أن طبيعة العمل الحقوقي تحتاج إلى الصبر، والجهود المتواصلة والفاعلة .
وبمطالعة نظام الهيئة ، تتضح المهام الجسام الملقاة على عاتق العاملين بها . إذ أن المادة الأولى تؤكد “أن الهيئة تهدف لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها وفقا لمعايير حقوق الإنسان الدولية في جميع المجالات ، ونشر الوعي بها والإسهام في ضمان تطبيق ذلك في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية ، والهيئة هي الجهة الحكومية المستقلة المختصة بإبداء الرأي والمشورة فيما يتعلق بمسائل حقوق الإنسان” . كما خصت المادة (11 الفقرة ج) الهيئة بحق استقبال الشكاوى من الأفراد والمؤسسات والمنظمات وغيرها . في مسائل حقوق الإنسان والتحقق من صحتها . وذلكتمهيدا لإحالتها إلى الإدارة المعنية في الهيئة . أما الفقرة (د) فتؤكد متابعة الهيئة لأي شكوى حتى الوصول إلى حلها … الخ . إذا أين يكمن التقصير إن وجد ؟ . تأسيسا على ما تقدم ، فالسؤال المنطقي ، أين السبب هل هو من منتسبي الهيئة أم أن هناك دواعي أخرى ؟ .
أمامي قضية هائمة ، تخص أحد مراجعي فرع الهيئة بالدمام ، وهو من الجنسيات العربية ، ومجرى القضية يعطي مؤشرا سلبيا في عمل هذا الفرع . فواقع الشكوى يدل على نواقص معينة بالهيئة ، تشكل عائقا في تأدية عملها . أهم هذه النواقص قلة الموظفين . مما يسبب تأخير وتراكم قضايا الناس ، مهما كانت طبيعتها ونوع استعجالها . والأمور إن بقيت على هذه الحال فسوف تزداد سوءا .
فقضية هذا العامل (المغلوب على أمره) بدأت بقدومه إلى المملكة للعمل بمصنع (ألمونيوم) بالمنطقة الشرقية ، وفق شروط (كما يدعي) أن له نسبة من الأرباح . غير أن هذا الود مع كفيله السعودي لم يعمر طويلا . ولأنه لم يوثق ما يدعيه ، فقد انتهت قضيته أمام مكتب العمل والعمال . وجرت تصفية حقوقه على أساس أنه موظف ويعمل براتب شهري . وجرى تحرير مخالصة نهائية بذلك ، وانتهت علاقته بكفيله بتسليمه جواز سفره بعد حصوله على تأشيرة خروج نهائي .غير أن المفاجأة أن الكفيل السابق أقام ضده دعوى أمام جهات الاختصاص قبل سفره بقليل (يعتبرها العامل كيدية ولا تستند إلى أي وجاهة تذكر سوى الانتقام) . وجرى التحقيق معه (وحسب روايته) فقد ارتكب المحقق أثناءالتحقيق مخالفات شكلية وجوهرية . أبرزها سحب جوازه وتسليمه لكفيله الأول بدون أي مسوغ نظامي .
بطبيعة الحال ، سيكون الفصل بهذه الأمور للقضاء . ولكن أزمة هذا المخلوق أنه يعيش الآن ولعدة أشهر ، بدون عمل أو مصدر رزق سوى ما يقدم له من الغير . ويعيش هذه المدة بدون مستندات تثبت هويته (وهذه مخالفة نظامية) بينما خصمه يعيش هانئا بعمله بإحدى الشركات الكبرى . إضافة إلى ما يدر عليه مصنعه من دخل مالي (رزقه الله المال الحلال).
لقد شكلت هيئة حقوق الإنسان أمام العامل أحد المخارج لحل مشكلته . لذا لجأ إليها . وكانت المفاجأة أن الخصم سبقه إليها لعلمه بما كان ينوي . وقد طلب من الهيئة التريث لأنه بصدد حلها مع العامل سريعا . وقد انجلت هذه الأكذوبة على محقق الهيئة . وقد راجع العامل محامي الهيئة الذي أخذ إفادته لعله يعينه على حل القضية . وقد قيل له : انه في إجازة والقضية لديه وعليه الانتظار . فهل معقول أن تبقى قضايا الناس رغم استعجالها ، بدرج المحامي إلى ان يعود من اجازته ؟ .وهل يقبل من يعمل تحت مظلة الهيئة بإطارها الإنساني أن يبقى أي شخص لأشهر بلا هوية أو مصدر رزق هو وعائلته ؟ . أعتقد أن ذلك غير مقبول على الإطلاق مهما كانت المبررات ! وهذا مصدر العتب على هيئة حقوقالإنسان
المصدر : جريدة اليوم -