محمد بن علي الهرفي - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 1161

عنوان المقال هو عنوان الندوة التي دعتني إليها «الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان» بمشاركة زميلة في وزارة التربية والتعليم فرع الأحساء. وقد شاركنا فيها الصديق المبدع الدكتور عبد الجليل آل سيف المشرف العام على الجمعية في المنطقة الشرقية وعضو مجلس الشورى، وكانت بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان.
مصطلح حقوق الإنسان «يتردد كثيرا على ألسنة الناس لا سيما في الآونة الأخيرة، وفي بلدنا هيئة لحقوق الإنسان بالإضافة إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، ومع هذا فإن معظم المواطنين لايعرفون حقوقهم ــ أو معظمها ــ والذي يعرف بعض حقوقه لا يعرف كيف يحصل عليها، وهذا الوضع غير الطبيعي جعل بعض أنواع الفساد والظلم تنتشر في المجتمع تاركة آثارا سلبية على الوطن والمواطن مع أن التعامل مع الكثير منها أمر متيسر لو أن المواطن عرف طريق الوصول إلى حقوقه.

الذي أراه ــ وأنا متابع لهذا الموضوع وقد ألفت فيه كتابا ــ أن الهيئة والجمعية تتحملان جانبا كبيرا من جهل المواطن بحقوقه، لأن هذه الثقافة جديدة على مجتمعنا الذي تعود أن يحمل الدولة كل شيء فهي ــ وحدها ــ مسؤولة أمامه عن كل تقصير مهما كان نوعه. فإذا ارتفعت الأسعار ــ وهذا مألوف ــ فالدولة هي المسؤولة، وإذا تلكأ موظف ما في إنهاء معاملته فالدولة ــ أيضا ــ هي المسؤولة، وإذا لم يقبل ابنه أو ابنته في الجامعة فالتقصير من الدولة، وهكذا.. وإذا سألته: ماذا فعلت أنت لكي تصل إلى حقك ؟! عرفت منه أنه لم يفعل أي شيء واكتفى بالنقمة على الدولة لأنها لم تحقق له كل شيء.. وإذا سألته: وهل تعرف الدولة ــ كبار رجالها ــ كل تلك المساوئ ؟! لم تحصل منه على إجابة لأنه لا يعرف التفاصيل ولا كيف تدار الأمور.. ثقافة حقوق الإنسان في البداية هي من واجبات الجمعية الوطنية والهيئة كذلك باعتبارهما الجهتين الوحيدتين في البلاد، أعرف أنهما يفعلان الكثير ولكن هذا كله لا يشكل إلا جزءا صغيرا من احتياجات المواطنين فنحن نعيش في شبه قارة لا يكفيها الأعداد القليلة الذين ينتمون للجمعيتين أو المتعاونين معهما.
وإذا كان الأمر كذلك ــ وهو كذلك ــ فمن هي الجهات الأخرى التي يجب أن تشارك في هذا الدور ؟!
باختصار ــ كما أعتقد ــ كل دوائر الدولة، وكل الشركات العاملة فيها دون استثناء !!

وزارة التربية والتعليم ــ مثلا ــ عليها أن تشعر كل الموظفين فيها ــ إداريين ومعلمين ــ بكافة حقوقهم منذ اليوم الأول لالتحاق كل موظف فيها.. وعليها ــ أيضا ــ أن تطلب من كافة مدارسها إخبار الطلاب بحقوقهم كلها.
بعض الطلاب يعاقب بشدة في بعض المدارس ولا يعرف ماذا يفعل، وإذا عرف تردد طويلا خشية من عقاب أشد وبطرق أخرى.. والمدرس قد يلحقه ضرر من نوع آخر ويقع في المشكلة نفسها، فأين حقوقهم ؟!. هذه مسؤولية وزاراتهم!!
طالب أو طالبة لا يجد له مقعدا في الجامعة ــ لأي سبب ــ ثم لا يعرف ماذا يفعل. هل من حق الدولة ممثلة في الجامعة أن تجد له مقعدا أم لا ؟!. هل من حقه أن يدرس في الكلية التي يرغب فيها أم لا ؟!. وهكذا تكثر الأسئلة التي لا يعرف لها جوابا !!. من المسؤول عن كل هذا ؟!. أعتقد أن وزارة التعليم العالي تقع عليها هذه المسؤولية.

الشركات قد تتعسف مع بعض الموظفين، تعطيهم رواتب متدنية استغلالا لحاجاتهم، تفصلهم بدون أسباب مقنعة … إلى آخر ذلك من الظلم الذي نسمع عنه جميعا مابين آونة وأخرى.. من المسؤول عن كل ذلك، وكيف يحصل هذا الموظف على حقوقه ؟!. ضياع الحقوق في المحاكم أو السجون من المسؤول عنها، وكيف السبيل إلى حصول المواطن على حقوقه ؟!
أسئلة كثيرة سمعناها في تلك الندوة، وكان أخونا الدكتور عبد الجليل يحاول الإجابة، ويشرح للحاضرين الوسائل المتبعة في كل ذلك، ثم إن هناك أنظمة قد تصدر خلال أيام تحدد كل ضوابط التعامل على الموقوفين وخلاف ذلك، وكنت ألاحظ أن جبينه يتصبب عرقا مع برودة الجو في تلك الليلة؟!

الحضور كانوا متعطشين لمعرفة الكثير، ومع أننا أمضينا حوالى الساعتين والنصف نتحدث في هذا الموضوع إلا أن الحاضرين كانوا يطالبون بالمزيد.ثقافة حقوق الإنسان من أهم أنواع الثقافات فلا يمكن لأي إنسان أن يمضي في هذه الحياة، وهو لا يعرف حقوقه، له أو عليه، ومن هنا تقع كثير من الأخطاء، وتكون نتائجها وخيمة في كثير من الأحيان..

كل قادر، وكل مؤسسة، وكل وسائل الإعلام، يجب أن تقوم بواجباتها في إعلام الآخرين بكل حقوقهم، وعندها سنرى أن مجتمعنا أصبح قادرا على تحقيق كل آماله وطموحاته.

المصدر : جريدة عكاظ -