مسؤولية انتحار أطفالنا
-
فاصلة:
((اختبار الشجاعة ليس في الموت بل في الحياة))
– حكمة إيطالية –
طفل عمره سبعة أعوام يلف السلك البلاستيكي حول رقبته ويعلقه بنافذة الحجرة لينهي حياته انتحاراً، هكذا جاء الخبر في جريدة المدينة العدد الصادر يوم الجمعة الماضية.
ما الذي جعل صاحب السنوات السبع ينهي حياة لم تهاجمها بعد المسئوليات أو الحزن والكدر.
هذا ما نتوقعه، لكن المؤشرات العلمية تؤكد إصابة أطفال ما قبل المدرسة بالاكتئاب، وبهذا يمكن أن يكون أحد أسباب إقدام الأطفال الصغار على الانتحار.
في عام 2009 أقلق الحكومة الفرنسية تقرير أصدره المعهد الوطني للأبحاث الطبية كشف عن انتحار 73 طفلاً.
معد التقرير والطبيب النفسي «بوريس سيرولنيك» قال: (إن فكرة الموت تأتي في وقت مبكر عن السابق، وتنخفض سن محاولة الانتحار بسبب النضج الجسدي والنفسي المبكر لدى الصغار). هذه الفكرة مقلقة إذا ما تخيلنا أن أطفالنا عرضة للإقدام على الانتحار بسبب هذا النضج الجسدي والنفسي، لكن الاستقرار النفسي للأطفال مهم جداً، ولذلك يمكن أن يكون العنف الذي يتعرض له الطفل أحد أسباب الانتحار.
في العدد الصادر في 27 يناير 2011 من جريدة عكاظ كشفت عضو جمعية حقوق الإنسان «سلمى سيبيه» في دراسة أجرتها عن انتحار 259 طفلاً في السعودية خلال السنوات السبع الماضية.
هذه المعلومة للذين يتحدثون دوماً عن أي حادثة مفزعة بأنها ليست ظاهرة اجتماعية حتى تتحرك المؤسسات الحكومية لعلاجها. بينما انتظرنا حتى يصبح العنف تجاه الأطفال شائعاً حتى تنهض بعض المؤسسات الحكومية والأهلية في القطاع الصحي والاجتماعي لمكافحته.
تخيلوا أن ضعف الوازع الديني لدى المعتدي على الطفل في مجتمعنا بلغ في دراسة «سلمى سيبيه» 96%.
ماذا يعني ذلك في مجتمع الصورة الذهنية له من أبرز سماتها التدين؟
الآباء والأمهات والأفراد المحيطون بالطفل من أهم الأسباب التي على المؤسسات المعنية بالعنف الأسري التركيز عليها في مكافحتها للعنف ضد الطفل والذي تزايدت معدلات انتشاره، هذا هو الواقع. المدير التنفيذي د. مها المنيف أكدت لجريدة الحياة في عددها الصادر في 31 مارس 2012 أن السجل الوطني لحالات إساءة معاملة وإهمال الأطفال في السعودية بالقطاع الصحي سجل تقارب الضعف في عدد حالات العنف ضد الأطفال في عام 2012 مقارنة بالعام الذي يسبقه.
ماذا ننتظر من طفل نعنّفه ونقسو عليه ونحرمه من حقه الطبيعي في الحياة غير القلق والحزن والاكتئاب؟
ماذا ننتظر من طفل نهمله ونتركه عرضة لتأثير مشاهد العنف في وسائل الإعلام في منزل موبوء بالعنف؟
ما أقسى واقع لا نغيّره يموت فيه طفل كاره للحياة منهي لها بإرادته.
المصدر: جريدة الجزيرة 13 رجب 1433هـ الموافق 3 يونيو 2012م
المصدر : -