-

عدد القراءات: 1111
عبده خال – جريدة عكاظ
 

ما زلت أذكر نصيحة لأحد الأطباء الجراحين، قالها لي ذات يوم وما زالت عالقة بالبال، إذ قال: لا تدخل إلى غرفة العمليات ما لم يكن لك داخل الغرفة قريب أو صديق، وهي جملة تثبت صحتها مستشفياتنا يوميا.

وفي ظل صحة الجملة يمكن لنا طرح سؤال صغير وضخم بضخامة ميزانية البلد: كيف لكل مواطن أن يوجد قريبا أو صديقا داخل غرف العمليات؟، وهل صحة الجملة محفزة لكل منا أن يعلن عن رغبة في مصادقة الأطباء والممرضين، حتى إذا قدر عليه دخول غرفة العمليات كان محققا لشرط الجملة؟، وماذا عن الأطفال الصغار هل يلزمهم المصادقة، وإذا كانت هذه المصادقة شرطا أساسيا لكي تطمئن داخل غرفة العمليات، فماذا عن الأخطاء التي تحدث في غرف الضمادات، أو غرف نقل الدم، أو غرف الأشعة، أو غرف العينات.. فهذا التنوع يتطلب تنوعا وعددا كبيرا من الأصدقاء والأقارب.

وما حدث في الفترة الأخيرة من نقل دم ملوث بمرض الإيدز (نقص المناعة) إلا استصراخ موجع وحقيقي يدعو إلى اليقظة الكاملة لما يحدث في المستشفيات.

وهذا الاستصراخ يطالب وزارة الصحة بالانتباه لأمور كثيرة، قد يكون في مقدمتها رحمة المستشفيات مما تجده من تكدس بشري حقيقي يحدث داخل تلك المستشفيات في ظل ضيقها، فإذا كان مستشفى عام كمستشفى الملك فهد بجدة يستقبل يوميا خمسمائة حالة ــ هذا في الطوارئ فقط، فكيف يمكن العمل وسط هذا التكدس المهول؟… وقس على ذلك بقية المستشفيات المنتشرة في مدن المملكة.

وأعلم أن الأطباء يبذلون قصارى جهدهم، وكذلك الممرضون، لكن أوضاع المستشفيات لا تساعدهم البتة في إنجاز عملهم من غير حدوث أخطاء.

وبسبب رداءة الإمكانيات في المستشفيات يمكن انتقال الأمراض من غرف التنويم ومن غرف الطوارئ ومن غرف العناية الفائقة، فقضية الأخطاء قبل أن تكون بشرية تتمثل في عدم توفر الإمكانيات الكفيلة بجعل الأطباء يعملون في جو صحي ومريح.

وأول جانب من توفر الإمكانيات وجود المستشفيات ذات السعة القابلة لاستقبال الأعداد الملائمة لسعتها، أما ما نعيشه الآن هو تخزين وتكديس المرضى داخل مستشفى واحد أو اثنين، بينما أعداد المرضى لا يكفيهم خمسة أو ستة مستشفيات في المدينة الواحدة، وقصور وزارة الصحة يتمثل في عدم إقامة وإنشاء مستشفيات تلبي احتياجات واستيعاب أعداد المرضى المتزايد.

فهل يعقل أن مريضا يسير بمرضه انتظارا لمواعيد بعيدة المدى قد يموت أو يستفحل مرضه قبل أن يصل إلى الدكتور المعالج.

وعلينا مطالبة الوزارة بتوفير الإمكانيات في كل حين، وليس عند حدوث حادثة، ونصمت في انتظار مصيبة جديدة نشبع فيها لطما وندبا.

وهي العادة التي ألفنا مزاولتها في كل حين، سواء مع وزارة الصحة، أو التربية والتعليم، أو الدفاع المدني، أو مع الإسعاف..

عن توفر الإمكانيات سوف يقلل من الأخطاء البشرية بنسبة مرتفعة جدا، والأمنية في ظل ميزانية ضخمة جدا أن تكون الإمكانيات متوفرة لكل جهة قبل فوات الفوت.

المصدر : جريدة عكاظ 13 ربيع الآخر 1434هـ الموافق 23 فبراير 2013م

المصدر : -