أميرة كشغري - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 1307
 عنوان هذا المقال هو نص الفقرة التي وافقت على إدراجها جميع الدول الإسلامية (بعد أن كانت تتحفظ عليها) ضمن إعلان مكافحة العنف ضد النساء الأسبوع الماضي بعد أسبوعين من نقاشات حادة لم تخل من مشادات على هامش الدورة الـ57 للجنة الأمم المتحدة الخاصة بأوضاع المرأة. وكانت المنظمة الدولية فد فشلت عام 2003 في إقرار وثيقة مكافحة العنف ضد المرأة، وهو ما جعل رئيسة هيئة الأمم المتحدة للنساء، ميشيل باشليه تصرح بأن إعلان 2013 هذا هو إعلان «تاريخي» لمكافحة العنف ضد النساء والبنات.

أوقن تماما أن الديانات السماوية، وعلى رأسها دين الإسلام السمح، لم تكن مبررا للعنف ضد النساء بأي صورة كان وبأي شكل ظهر. والذي أعرفه ونعرفه جميعا أن الإسلام يقف بصرامة أمام العنف ضد أي مخلوق بشري أو غير بشري، وأن «امرأة دخلت الجنة في هرة»، فما بالكم بالعنف ضد البشر! والدين الإسلامي واضح في تعامله مع النساء، إذ يكفينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم «استوصوا بالنساء خيرا»، و «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» ، و «خياركم خياركم لنسائهم» . وبالتالي فلا مبرر دينيا أو أخلاقيا لوقوف بعض المتشددين ضد حكوماتهم وضد وثيقة تناهض العنف ضد النساء في الوقت الذي أصبحنا نعاني فيه من ويلات هذا العنف على الأمان الأسري والاستقرار الاجتماعي.

يميل النموذج المتشدد المنغلق لفهم الدين، والذي يسوغ أحيانا لظلم المرأة والعنف ضدها بتأثير العادات والتقاليد، إلى التهويل من هذه الوثيقة حتى وهي مجرد وثيقة غير ملزمة للدول التي وقعت عليها، ويدعون أنها تتناقض مع الأديان السماوية ومن ثم يحاربونها غير عابئين بالصورة الموحشة والانطباع السلبي الذي يتركه موقفهم هذا من سماحة الإسلام وعلو مقاصده فيما يخص التعامل بين النساء والرجال والأطفال. ولعله من المهم الإشارة إلى أن موضوعات مثل الميراث، والطلاق، والقوامة، وحقوق الشواذ، وغيرها من الموضوعات لم ترد في الوثيقة على الإطلاق كما يروج البعض من أجل تشويه الوثيقة!

إن أهم ما ورد في وثيقة الأمم المتحدة المناهضة للعنف ضد النساء يتلخص في التالي:

1ــ تنادي وثيقة الأمم المتحدة بضرورة اتخاذ الدول لتدابير عاجلة لاعتماد أطر قانونية تجرم العنف ضد النساء والتعجيل بتنفيذها، ومقاضاة الجناة من أجل وضع حد للإفلات من العدالة. لا يختلف اثنان على أن حالات العنف في مجتمعاتنا أصبحت تستدعي مثل هذه الأطر القانونية للوقوف ضد من يرتكب العنف باسم الولاية أو القوامة. وأليس من الضروري أن تكون لدينا تشريعات قانونية تجرم كل أشكال الانتهاك الجنسي والجسدي للمرأة، بدءا من التحرش القولي والمادي ومرورا بالاغتصاب، وانتهاء بتجارة الأعراض والأطفال بكل أشكالها. وهل يكفي أن نحارب العنف بالشعارات ونقف مكتوفي الأيدي حيال تقنينه؟

2 ــ تطالب وثيقة الأمم المتحدة بضرورة كفالة السلامة في أماكن العمل، وتشجيع المرأة على المشاركة وعلى الاضطلاع بأدوار قيادية، وتعزيز المساواة بين الجنسين. وهل قوانين الشريعة الإسلامية لا تتفق مع سلامة المرأة ومشاركتها في الحياة العامة؟ أليس للمرأة حق أصيل في الجماعة الوطنية ولها حق وواجب النصيحة والشورى، وهي محملة بالأمانة مستخلفة كالرجل سواء بسواء؟

3 ــ تتعهد الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بـ «التحرك لمنع العنف وضمان العدالة والخدمات لضحايا العنف ضد النساء» . وأليس من واجب الدولة والمؤسسات تقديم الخدمات وتوفير الأمن والعدالة للمعنفات؟ وكم من النساء المعنفات يلقى بهن على قارعة الطريق بعد أن ضاقت بهن بيوت الأهل ودور الحماية المحدودة الصلاحيات والقليلة الخدمات؟.

لقد ظلمت المرأة كثيرا بفهم خاطئ للدين واستخدام جائر ومتعسف للأعراف والتقاليد، وحان الوقت لكي نقف ضد كل ما من شأنه تبرير العنف ضد النساء أو حتى السكوت عليه أو الإشارة إليه على استحياء (باعتبار أنه لم يصل بعد لحد الظاهرة التي تستدعي التدخل والعلاج والتقنين).

العنف ضد النساء والبنات والأطفال هو تهديد شامل لأمن المجتمع وأمان الأسرة لا يليق بنا ونحن ندين بالإسلام العظيم الذي يقوم على العدالة والقيم، ويعلي من شأن الإنسان ويحارب كل ما يهدد أمنه واستقراره.

المصدر : جريدة عكاظ - 11 جماد الأول 1434هـ الموافق 23 مارس 2013م