د. عامر بن محمد الحسيني - صحيفة الاقتصادية

عدد القراءات: 1786

ما زالت حالة المواجهة بين البشرية وفيروس كورونا “كوفيد – 19” قائمة. المخاطر الصحية من أهم المخاطر التي لا يمكن الاستهانة بها، خصوصا إذا كانت مثل الوضع الراهن. على الرغم من أن العالم استطاع مبكرا أن يتعرف على آلية عمل الفيروس وطريقة انتشاره، وهذا يعد تفوقا في مرحلة أولية. سيعقبها -بإذن الله- الوصول إلى دواء ناجع لمواجهة هذا الخطر. لكن من خلال تقييم الإجراءات التي اتخذتها الدول المختلفة يتضح لنا مقدار الاستجابة لهذه المخاطر، وكيفية التعامل معها. فقد تنبه العالم منذ مطلع العام إلى ضرورة استخدام منهجية عزل الأشخاص السليمين حتى لا ينتقل إليهم المرض، نظرا لصعوبة تحديد الأشخاص المصابين فعلا. بعض الدول اتخذت إجراءات احترازية مشددة لحماية الحياة فيها، وبعض الدول كابرت واتخذت منهجيات أقل ما يقال عنها إنها مادية وبعيدة عن الإنسانية.
المخاطر Risks هنا يقصد بها احتمالية حدوث أمر ما قد يؤثر في المسيرة الطبيعية للمنظمة التي قد تؤثر في أهدافها. لمعرفة هذه المخاطر يجب أن يتم تقييم المخاطر Risk assessment التي من خلالها يمكن التعرف على الخطر وقياس درجة الخطورة وتأثيره المستقبلي. وتأتي لاحقا عملية إدارة الخطر Risk Management التي تعني العملية التي يتم من خلالها التعامل مع الخطر للتخفيف من آثاره وفق السياسات التي تتبعها المنظمة في تحليلها للتكلفة والعائد، ودرجة تحمل المنظمة للمخاطر، كما تتيح إدارة المخاطر إعادة توجيه السياسات والإجراءات التي تسببت في حدوث هذا الخطر، وأصبحت من أهم مؤشرات الكفاءة والفاعلية للإدارات، وأحد مقاييس تبني آليات الحوكمة Governance.
في المملكة أثبتت هذه الأزمة أن الانسان أهم ثروة، ويفوق في الأهمية أي مكاسب مادية. وقيادة المملكة تراعي مصالح المواطنين والمقيمين بحرص واهتمام. وتتعامل قيادة المملكة بحكمة وإنسانية، فقد وجهت بعزل الحياة العامة لضمان عدم تفشي الفيروس، وعدم المكابرة في مواجهة مرض يبتدئ خفيا، ثم ما يلبث أن يصيب حالات بأرقام فلكية يعجز معها أي نظام صحي. اتخذت بعض القرارات المهمة التي يعجز الانسان عن التفكير فيها ومن أهمها: تعليق الوجود بساحات الحرمين الشريفين، وتعليق العمرة والسفر مؤقتا، كما أنشأت خلية لمتابعة الأزمة، والتعامل مع مستجداتها شملت جميع القطاعات الحيوية. ونتج عنها اتخاذ قرار تعليق الحضور للمدراس والجامعات، وتعليق حضور الموظفين للعمل في القطاع العام لفترة احترازية يمكن أن تساعد على القضاء على احتمالية التفشي التي قد تواجه المجتمع -لا قدر الله-. كما وجهت القطاع الخاص بضرورة تخفيف أعداد العاملين وتعليق جزء من القوة البشرية للقطاع الخاص من أجل مواكبة الإجراءات الاحترازية. حيث أثبتت التجارب في مثل هذه الأزمة أن التباعد الاجتماعي يكون ذا أثر كبير في الحد من الانتشار والانحسار للحالات التي قد أصيبت فعلا.
جميع الإجراءات المتخذة تثبت فعليا أن خلية التعامل مع الأزمة كانت تتفاعل مع الأحداث وتسهم في صنع قرارات استراتيجية ومصيرية ستسهم -بحول الله- في انحسار هذه الحالة، وتعزيز دور الجميع في حماية المجتمع، ومواجهة المخاطر على أسس علمية وبأيدي أبناء المملكة.
حفظ الله بلادنا وقادتنا وشعبنا من كل سوء.

المصدر : صحيفة الاقتصادية - 25-03-2020