د. أحمد قاسم الغامدي - جريدة اليوم

عدد القراءات: 1163
 إن أهم الشرائح الفاعلة في أي مجتمع هم الشباب لقدرتهم على العمل بنشاط أكبر ولتنافسهم وطموحهم واستعدادهم للتحمل بما يمتلكونه من طاقات نفسية وجسمية وحماس.

والواجب التخطيط لذلك لأنه متى فقد التخطيط فإن هذه الطاقة ستكون ثروة مهدرة ، حتى يتحول ذلك إلى خطر يصيب المجتمع بالعديد من المشكلات والأزمات والتبعات السلبية والفشل.

إن القصور الملاحظ في التخطيط لذلك الدور الاستثماري البشري المهم شكل خللا واضحا في جوانب كثيرة ، ولاشك أنه ازدياد ارتفاع معدل البطالة وتوسعه وديمومته يؤدي بلا شك إلى انتشار حالة اللامبالاة وربما ارتماء بعضهم في متاهات الغواية.

إن أفضل استثمار يجب أن يقدم للوطن ولهذه الشريحة المهمة هو تهيئة فرص العمل المناسبة ضمن خطط ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في القطاع العام أو الخاص.

إن قضية البطالة أهم ما يؤرق الشباب ويدفع بهم الى الضياع، ويجعل الشباب قليلي الحماس للعمل والتفكير في المستقبل والتخطيط له ، لشعورهم بأن الفرص المتاحة أمامهم محدودة جدا أو ليست ذات قيمة .

 وبلاشك ان من أهم عوائق حل مشكلة البطالة هو غياب المعلومة الدقيقة في تقدير حجم معدل البطالة، وذلك الغياب لا يمكن أن تؤسس على ضوئه خطة دقيقة للمعالجة ، فمن الضروري اعتماد آلية علمية لقياس معدل البطالة في سوق العمل الوطني لوضع الحلول المناسبة وقياس مقدار التغير فيها .

 كما أن دراسة حاجة سوق العمل الوطنية والتخصصات المطلوبة فيها للسيطرة على فائض البطالة فيه وتوجيهه جانب مهم في المعالجة .

فلابد من قياس ذلك الاحتياج بدقة على المستوى البعيد ووضع خطة تهدف إلى توجيه الشباب وتشجيعه إلى التخصصات التي يحتاجها سوق العمل الوطني ، ولأن الملاحظ في السوق الوطني وفرة خريجي التخصصات النظرية وعجز خريجي التخصصات الفنية والحرفية فالواجب أن تعاد صياغة العملية التعليمية وتطوير المعاهد المهنية والفنية بما يحقق توافقا بين مخرجات التعليم وحاجات السوق.

كما يجب أن يعالج ضعف التأهيل النفسي والاجتماعي للشباب للتوجه لمجالات العمل المتاحة، وتصحيح المؤثرات السلبية في البيئة والتربية والمجتمع.

كما يجب أن تعالج مشكلة المؤسسات التي لا ترى أن لدى الشباب السعودي رغبة جادة في العمل أو كفاءة في تحمل مسئوليته ، ببذل جهد كبير لتدريب وتأهيل هؤلاء الشباب بما يتلاءم مع ظروفهم وحاجاتهم النفسية والاجتماعية وبما يناسب سوق العمل لمعالجة مشكلة البطالة بصورة حقيقية فاعلة ومتكاملة . مع معالجة وضع بعض المؤسسات الأهلية التي تختلق الأعذار في هذا المجال بهدف سعيها للحصول على عمالة رخيصة تقوم بنفس العمل المطلوب.

وهذه مسئولية وزارة العمل بالدرجة الأولى ثم المؤسسات الأهلية التي يجب أن تتحمل مسئولية وطنية في المساهمة في علاج مشاكل العمل لدى الشباب ، كما أنه من المناسب العمل على تشجيع الطاقات الشابة التي تمتلك الحماس والمبادرة للقيام بإدارة وتطوير مشاريع خاصة بها ، مع الإشادة بتجربة بعض المؤسسات الأهلية التي نجحت في توطين وظائفها وزيادة نسب السعودة فيها عبر اعتماد خطط تدريبية طموحة وتقديم مغريات جيدة للشباب السعودي الطموح وإزالة العوائق التي تحول دون تقدمهم وتطلعاتهم المستقبلية ، لتتكرر هذه التجربة في قطاعات العمل المعطلة لذلك الاحلال ، مع إعادة النظر في العديد من التشريعات والأنظمة المتعلقة بتنظيم سوق العمل لتقليص منافسة العمالة الوافدة للعمالة الوطنية بصورة مدروسة لا تؤثر على حاجة السوق ولا تفقده فتح الباب لإحلال الشباب السعودي لمن ينافسه ضمن خطة دقيقة وواضحة وجادة ، وقد أثبت العديد من الشباب السعودي أن لديهم التأهيل والفاعلية بما يفوق غيرهم ويجعلهم قدوة للعمل في هذا الوطن العزيز.

المصدر : جريدة اليوم - 30 شوال 1434هـ الموافق 6 سبتمبر 2013م