عبد الوهاب بن عبد الله الخميس - جريد الاقتصادية

عدد القراءات: 1134
الباحث في الأدبيات العملية يدرك أن محدودية الأبحاث حول تمويل الخدمات الصحية ظلت محدودة ليس فقط على المستوى المحلي، بل حتى على المستوى الخليجي. ولعلي من خلال سلسلة مقالات أسهم في وضع لبنة أولية لأحد أهم محاور أي خطة صحية وطنية. وكنت قد كتبت مقالا حول تمويل الخدمات الصحية في دول الخليج العربي في مجلة علمية محكمة The International Journal of Health Planning and Management ، ولا أدعي أنني أشبعت هذا الموضوع الحيوي بذلك المقال العلمي لكن لعلي قد أكون نجحت في إثارة بعض التساؤلات التي قد تحفز المهتمين بالشأن الصحي الخليجي على المشاركة في تقديم أبحاث تسهم في الإجابة عنها مستقبلا.

من الشاهد أن تركيز المرجعيات العلمية منصب حول آليات تمويل الخدمات الصحية وفقا لتقسمها على أنها إما دول غنية أو دول فقيرة. فالأدبيات العلمية تخبرنا أن الناس هم مصادر تمويل الخدمات الصحية للدول الغنية، التي عادة يمكن تصنفها أنها دول متقدمة. لكن هذه الدول لديها طرق مختلفة في كيفية الحصول على تمويلها كالضرائب (وإن اختلفت في كيفية فرضها) أو اقتطاع من الراتب (كأغلبية الدول التي لديها تأمين اجتماعي) أو غيرها من طرق التمويل التي تشترك في كون الناس هم مصدر الثروة ومصدر التمويل.

أما الدول الفقيرة وبسبب محدودية دخلها، فإن المعونات الخارجية من أهم مصدر تمويل خدماتها الصحية. هذه الدول تصنف عادة على أنها دول نامية. اللافت للنظر أن دول الخليج العربي تشترك مع الدول الفقيرة في أن تمويل خدماتها الصحية من مصدر خارجي. فالدول الفقيرة تمول جزئيا خدماتها الصحية من معونات خارجية بينما دول الخليج العربي تمول خدماتها الصحية من مصدر خارجي وناضب في الوقت نفسه ”البترول”. وفي الجانب المقابل تشترك دول الخليج مع الدول عالية الدخل في تصنيفها كدول عالية الدخل حسب تصنيف البنك الدولي لها.

فالدول مرتفعة الدخل تصنف عادة على أنها دولة متقدمة بينما الدول محدودة الدخل تصنف عادة على أنها دول تحت التطور أو في طور التطور. تشترك دول الخليج مع الدول المتقدمة كونها دولا عالية الدخل ولديها ارتفاع في نسبة المدنية فيها حسب تصنيف البنك الدولي، لكنها تشترك مع الدول النامية في نسبة الأمية وطبيعة أنظمتها. فمثلا ما زالت توجد في دول الخليج نسبة للأمية لمن هم فوق 15 سنة، حيث تشكل هذه النسبة لكل من: البحرين، الكويت، عمان، قطر، السعودية، والإمارات بالترتيب الآتي 11.2 في المائة، 5.5 في المائة و 15.6 في المائة ، 6.9 في المائة، 15 في المائة، و10 في المائة خلال عام 2007 حسب تقرير منظمة التنمية البشرية المنبثقة من الأمم المتحدة. كما أن معظم الدول الخليجية لديها معاناة في إيجاد الأنظمة التي تسهم في رفع كفاءاتها الإدارية. كما أنها دول لديها صعوبات حقيقية في إيجاد آليات لتمويل خدماتها الصحية حسب التقارير الصادرة من منظمة الصحة العالمية. هذه الحقيقة لا تتعارض من كون دول الخليج من أكثر الدول العربية استثمارا في مواردها البشرية حسب تصنيف تقرير الأمم المتحدة المتعلق بالتنمية البشرية.

لا شك أيضا أن لدول الخليج خصائص مشتركة تميزها عن الدول مرتفعة الدخل أو محدودة الدخل. فمثلا تتميز دول الخليج عن غيرها من دول العالم كونها دولا ترتفع فيها نسبة العمالة غير الوطنية من تركيبتها السكانية. هذه العمالة تصنف على أنها أقلية كونها عمالة غير وطنية، كما أنها تصنف على انها أكثرية عن النظر لما تشكله من نسبة مرتفعة من المجموع الكلي لبعض دول الخليج. هذه الخصائص لدول الخليج أثرت بصورة مباشرة في آليات تمويلها خدماتها الصحية، وهو ما سنتطرق إليها في المقال القادم – بمشيئة الله.

المصدر : جريد الاقتصادية - 23 ذو القعدة 1434هـ الموافق 29 سبتمبر 2013م