كلمة الاقتصادية - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1265

منذ أن صدرت الترتيبات القضائية الجديدة وهناك ضرورة لإعادة صياغة بعض الأنظمة التي تمثل الجانب الإجرائي القضائي، وتكمن أهمية تلك الترتيبات في أنها تعيد هيكلة السلطة القضائية وتضع الاختصاصات القضائية في مكانها الطبيعي وتفصل بين أعمال جهتي القضاء الإداري والعادي من جهة، وفي الوقت نفسه تعالج أوضاع اللجان والهيئات القضائية المتعدّدة والمنتشرة في أجهزة حكومية رغم صبغتها القضائية، لذا فإن توجيه خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – بعرض نظامَي المرافعات والإجراءات الجزائية أمام مجلس الوزراء لإنهاء متطلبات صدور المراسيم الملكية باعتماده خطوة تحرُّك هيكلة السلطة القضائية إلى الأمام.

ووفق هذه الهيكلة الجديدة فإن ديوان المظالم سيكون جهة قضاء إداري فحسب، ولن يكون له أي اختصاص جزائي أو تجاري كما هو عليه الحال الآن، وهذا يتطلب نقل الدوائر الجزائية والتجارية بوظائفها وموظفيها وكامل أعمالها وملفاتها إلى المحاكم الجديدة، التي ستكون تحت مظلة القضاء العادي إلى جوار المحاكم العامة ومحاكم الأحوال الشخصية، وهذا الترحيل للقضايا والاختصاص سيكون أسهل من تلقيها، حيث على القضاء العادي التابع لإشراف المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل، أن يقوم بعمل شاق وهو الاستقبال الذي يجب أن يسبقه الاستعداد والتهيئة ثم التسكين والتعايش مع هذا العبء الجديد والممارسة، وهو لن يكون من السهل القيام به ما لم تتحرّك العزائم والهمم لتنفيذ الإرادة الملكية وتحويل هذا الحلم إلى حقيقة.

إن الصعوبات كبيرة والمهمة ضخمة ونحن أمام تصحيح وتطوير لأوضاع قديمة ومتراكمة، ولأنه حان الوقت لتنفيذ خطة شاملة لتطوير القضاء بصورة عامة، فإن الاعتراف بضخامة المشروع شرط لنجاحه، فهناك إعدادات للمباني وللأدوات المكتبية وتنظيم الارتباط الإداري وتعيين الأكفاء في مواقعهم بما في ذلك عملية نقل الكوادر من ديوان المظالم إلى القضاء العادي، وبلا شك أن هناك حاجة إلى تعيينات جديدة في أكثر من مستوى في الكادر القضائي وكذلك الإداري ولا بد من تهيئة العنصر البشري في العمل، فهو الأساس في أي برنامج أو مشروع، بل هناك مواصفات واشتراطات ضرورية يجب تحققها ثم تطويرها كي نصل إلى إعادة تهيئة السلطة القضائية بشكل حديث ومتوافق مع طموح ولاة الأمر.

أيضا نظام الإجراءات الجزائية سيكون له نصيب من التحديث، لأن هناك درجة جديدة من التقاضي سيتم تفعيل وظيفتها القضائية وهي الاستئناف في القضايا الجزائية، وهذا يعني إعادة المحاكمة أمام دائرة الاستئناف من جديد لما في ذلك من ضمانات للمتهمين وتصحيح ما قد يقع من أخطاء في الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى، وهنا لن يكون الاستئناف مجرد تمييز للأحكام، لكن سيكون محاكمة مرة أخرى يُعاد فيها طرح الموضوع بكامله وأمام قضاة غير من سبق أن نظروا في الدعوى الجزائية، وهو الدور والمهمة الطبيعية لفكرة الاستئناف.

إن الاستئناف الذي يعني درجة قضائية جديدة بالكامل ومحاكمة جديدة أيضاً تشمل جميع القضايا في جهتي القضاء العادي والإداري ولن تكون مراجعة للأحكام فقط، كما هو الحال أمام محكمة التمييز، أيضاً ستتعدّد محاكم الاستئناف لتكون في جميع المناطق، وهذا من أهم مزايا وملامح الترتيبات القضائية الجديدة التي يكملها إعادة الاختصاصات الجزائية والتجارية إلى القضاء العادي وتفريغ ديوان المظالم للقضايا الإدارية التي لا تخرج عن نوعين هما: قضاء الإلغاء في القرارات الإدارية وقضاء التعويض في العقود الإدارية، وهي قضايا بدأت تتنوع وتتزايد نتيجة زيادة نشاط المرافق العامة ومثلها الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية، وإن تحديث وإعادة إصدار نظام المرافعات أمام ديوان المظالم ونظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية مرحلة جديدة في تطوير السلطة القضائية وتوفير مزيد من ضمانات التقاضي وتحري العدل والعدالة وتطبيق الشرع والنظام.

المصدر : جريدة الاقتصادية - 14 محرم 1435هـ الموافق 18 نوفمبر 2013م