مبادرات المباني الخضراء
د. هيثم باحيدرة - جريدة الاقتصادية
يُعتقد أن المباني المختلفة مسؤولة عن ثلث إجمالي استهلاكنا للطاقة، واستخدام المواد الخام، وتوليد النفايات، وانبعاثات الغازات الدفيئة. ويتشابه استخدام الطاقة في المباني في كل من العالم الغربي، وأوروبا وآسيا. وبكل بساطة فالمباني الخضراء هي أماكن صحية للعيش والعمل، وتتمتع بمسؤولية بيئية ومربحة اقتصادياً. ويؤكد مصطلح “الخضراء” على تطبيق أحدث استراتيجيات التطوير المستدام للمواقع، وتوفير المياه، وكفاءة الطاقة، واختيار المواد، وجودة البيئة الداخلية. ويهدف البناء المستدام أيضاً إلى التأكد من تمتع المباني بأغراض طويلة المدى. ومن الأهمية بمكان زيادة كفاءة استخدام الطاقة طوال مدة بناء الهيكل، والتقليل من نفايات تشييد المباني، من خلال إعادة التدوير والتصميم.
وهناك عوامل مختلفة ذات أهمية حيوية بالنسبة للمباني المستدامة. وفي الأساس يعد منهج البناء الكامل أمراً بالغ الأهمية، والذي يشير إلى كل جوانب المبنى، من اختيار الموقع إلى دهان الجدران المستخدم، وأخذ كل التفاصيل بعين الاعتبار.
ومن أجل تطوير المباني المستدامة، ينبغي أن تؤخذ النقاط المركزية الخمس التالية بعين الاعتبار:
1ـ المواقع المستدامة.
2ـ كفاءة استخدام المياه.
3ـ كفاءة الطاقة.
4ـ المواد والموارد.
5ـ جودة البيئة في الأماكن المغلقة.
والفئات المذكورة أعلاه متداخلة، وكلها أمور أساسية في الحد من الآثار السلبية البيئية للمباني، ودعم صحة قاطنيها. وتوفر المباني الخضراء العديد من الفوائد مثل طول مدى الانتفاع منها، وكفاءة الطاقة في التصميم والمواد، وتقليل النفايات، وقدرة الهيكل على استدعاء البيئات الخارجية إلى داخل المباني عبر توظيف التصاميم التي تزيد من ضوء النهار الطبيعي. كل هذه العوامل لا تساعد فقط في تقليل متطلبات الإضاءة الكهربائية ولكنها أيضاً تعد أماكن أكثر مناسبة لمتطلبات العمل والعيش.
وتعتبر المباني الخضراء نافعة للبيئة والمجتمع والاقتصاد. فالمباني الخضراء تقلل بدرجة كبيرة من تأثيرها الضار على البيئة الطبيعية باستخدام طاقة أقل، ومياه أقل، وموارد مادية أقل، مع زيادة الوفر في الطاقة والمياه، كما تؤدي إلى تحسين أداء البناء على مر الزمن، ويمكن أن تزيد بشكل كبير من قيمة العقار.
وتوفر التصاميم التي تزيد من ضوء النهار الطبيعي لقاطني البنايات شعوراً باتساع المساحة والتواصل مع الطبيعة. فالتواجد في منشأة لا نوافذ فيها هي تجربة مختلفة تماماً عن التواجد في منشأة تستطيع وأنت فيها رؤية الأشجار الجذابة للعين والطيور والضوء الطبيعي من خلال النوافذ. ويمكن للمباني الخضراء أيضاً تحقيق منفعة اجتماعية من خلال إعطاء المجتمع الشعور بالفخر بتعزيزها لتشييد هياكل المباني الجميلة التي تصبح من معالم المدن.
ويخفض بناء المباني الموفرة للطاقة من تكاليف التشغيل، كما أن التخطيط للمستقبل لضمان تعدد الأغراض يحافظ أيضاً على الموارد على المدى الطويل. وتعد المباني الخضراء ثورة على طريقة بناء وتصميم مشاريع البناء في العالم كله.
وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف بناء المباني الخضراء، فالاستفادة من إجمالي التوفير في الطاقة والمياه قد تفوق فرق التكاليف. وفي المملكة العربية السعودية هناك حاجة إلى اعتبار العديد من العوامل عند تطوير المباني الخضراء، كما أن هناك حاجة إلى تكاتف الهيئات الحكومية المختلفة، والكيانات الصناعية، والجمهور. ويمكن تحقيق هذا من خلال توظيف جهود إقامة حملات التوعية والتواصل للتثقيف حول مزايا المباني الخضراء التي تعود على كل من البيئة والمجتمع.
وبالنسبة للمملكة العربية السعودية هناك حاجة إلى دفع الابتكار في السوق لتحفيز ممارسات البناء الفعالة عالية الجودة والأداء. والمملكة مستعدة جيداً وملتزمة بتوظيف الخبرات الدولية والتقنيات الأحدث والتصاميم الموجهة نحو البناء المستدام.
المصدر : جريدة الاقتصادية - لاثنين 24 ربيع الثاني 1435 هـ. الموافق 24 فبراير 2014