كلمة الاقتصادية - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1106

إلى وقت قريب لم يكن هناك من يعترف بحقوق الملكية الفكرية لأصحابها، مثل المؤلفات والعلامات التجارية وبراءات الاختراع، وكذلك المصنفات الفنية وسائر ما يتفرع عن هذا النوع من الحقوق، الذي عرفناه واعترفنا به متأخرين، ولأنه صدرت عدة فتاوى وأبحاث ودراسات فقهية من مؤتمرات الفقه الإسلامي ومن بعض الفقهاء المعتبرين في الفتوى على مستوى العالم الإسلامي، فقد أسهمت تلك الفتاوى في حث السلطات التشريعية على إصدار قوانين لحماية هذه الحقوق بكامل تفريعاتها وأنواعها، ثم العمل على إنفاذ مضمون هذه القوانين والتأكيد على الجهات المختصة بالعمل على حماية هذه الحقوق عمليا، مع حفظ الحق في الادعاء والمطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عن الاعتداء.

لقد تم تكليف خمس شركات أمنية في المملكة لتفعيل ما تنص عليه الأنظمة واللوائح، فالعلامات التجارية والنماذج الصناعية وبراءات الاختراع وحقوق المؤلف وغيرها تحظى بالحماية، ولأن المملكة انضمت إلى الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقيات منظمة تحرير التجارة العالمية، فإنه ليس هناك مجال لنقد الأنظمة واللوائح أو الاعتقاد بعدم وجودها بسبب قصور في الجانب الرقابي والإشرافي، وهي مسألة تنفيذية تعوق أداءها عوامل عدة، منها ما يرجع إلى المنتج الذي يتم تقليده والأسعار التي تعرض بها النسخ الأصلية منه، لذا فإن البعض ممن خبروا مشكلة التقليد يدعون المنتجين للسلع الأصلية إلى تخفيض الأسعار لتشجيع العملاء على شراء النسخ الأصلية.

إن سوقنا المحلية مولعة باستيراد وعرض وبيع وتسويق النسخ المقلدة حتى أصبحت سوقا رائجة لها زبائنها وأغلبيتهم من الأفراد، ولقد عانت السوق المحلية تزايدا واضحا في جرائم الاحتيال والتقليد، وساعد على ذلك ضعف الجانب الرقابي حتى بدا للكثيرين أن التقليد والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، خصوصا برامج الحاسب الآلي، ليس من باب الغش التجاري ولكن من باب إرضاء شريحة واستغلال وضع السوق التي تسمح ببيع تلك البرامج، الذي يعد اعتداء على حق يحميه القانون ويفرض عليه عقوبات مالية.

إن الوزارة ستطبق العقوبات على منتهكي الحقوق الفكرية في خمسة مصنفات تشمل المصنفات الفنية بكل أنواعها وأهمها الأفلام والأغاني والمسلسلات والفيديو كليب والعلامات التجارية وبراءات الاختراع، إضافة إلى حقوق المؤلف وبرامج الكمبيوتر، كما ستحول الوزارة جميع المخالفين والمتجاوزين للحقوق الفكرية إلى اللجنة القضائية في الوزارة للتحقيق معهم وإصدار الأحكام والعقوبات التي تتنوع بحسب المخالفات، حيث تصل إلى الحجب والتشهير والسجن والغرامات المالية.

ولأن هناك انتهاكات لحقوق المؤلف ميدانها الفسيح مواقع الإنترنت، فإن وزارة الثقافة تسعى لحجب المواقع التي تستخدم تقنية “التورنت” لتعديها على الحقوق الفكرية، فهي تستخدم في سرقة الأفلام والتسجيلات والمسلسلات، وحجبت الوزارة منها نحو 22 موقعا إلكترونيا استخدمت التقنية بالشكل المخالف، إضافة إلى ملاحقة أصحاب المواقع الإلكترونية التي تعتدي على الحقوق بالحجب المباشر والإغلاق والاستدعاء لأصحابها، مع أن التعامل غالبا ضد مجهولين، لذا يتم حجب المواقع غير المرخصة، خصوصا حينما تكون هناك بلاغات بشكل جدي.

وستشهد حقوق الملكية الفكرية قريبا عقوبات تتجاوز الغرامة المالية إلى السجن وتسجيل تلك العقوبات في سجل السوابق الجنائية للمعتدين، فلم تعد سياسة النفس الطويل مجدية، وتم تشكيل لجان إدارية عدة لها اختصاص قضائي في وزارة الثقافة والإعلام، واليوم هناك تركيز على الصحف الإلكترونية المسجلة التي وصل عددها حتى الآن إلى 700 صحيفة إلكترونية، فقد تتعرض للإنذار والحجب لأنها تحت طائلة المساءلة القانونية أيضا.

المصدر : جريدة الاقتصادية - 16 جمادى الثاني 1435 هـ. الموافق 16 إبريل 2014