كلمة الاقتصادية - جريدة الإقتصادية

عدد القراءات: 1419

ستبدأ فعليا المحاكم التجارية في العمل بصورة مستقلة عن ديوان المظالم مع بداية العام الهجري الجديد، وسيتم سلخ قضايا وقضاة ومنسوبي الدوائر التجارية عن ديوان المظالم إلى تلك المحاكم التجارية، حيث يجري حاليا استكمال التجهيزات اللازمة لذلك، والانتهاء من تدريب القضاة من خلال دورات مكثفة على أعمال ومهام القضاء المتخصص، وهي مرحلة سيعقبها إطلاق المحاكم العمالية بتعاون بين وزارتي العدل والعمل، حيث قامت اللجنة المختصة بدراسة الموضوع من جميع جوانبه من ناحية توفير العدد اللازم من القضاة وآلية تدريبهم والموظفين والمباني والاحتياجات اللازمة، وفق الإحصائية التي تعد عنصرا رئيسا في معرفة حجم العمل وما يحتاج إليه من موارد بشرية ومالية لتنفيذه.

إن الأمل معقود بالفعل على المحاكم التجارية التي قد لا يكون أداؤها بأفضل من الدوائر التجارية في ديوان المظالم حاليا، ولذا فقد جاء قرار مجلس الوزراء داعما لتخصص المحاكم التجارية، فقرر إنشاء مركز للتحكيم التجاري، فالقضاء التجاري يعاني كما ونوعا من القضايا التجارية وبطئا شديدا يتنافى مع طبيعة التجارة التي تقوم أساسا على السرعة والاستثمار الأمثل للمال والوقت والجهد، فضلا عن عدم وضوح كاف للرؤية في بدء انتقال الدوائر التجارية من ديوان المظالم إلى جهة القضاء العادي، وتكوين المحاكم التجارية لتكون محاكم لها استقلال وذاتية متميزة من بين المحاكم، وكذلك بدء دوائر الاستئناف التجارية وفتح باب الترافع أمامها عمليا بدلا من نظام التدقيق المعمول به حاليا، حيث لا يمكن اعتباره استئنافا على أي حال. ولأهمية فعالية التحكيم وعدم تعرض قراراته للنقض إلا في أضيق نطاق متى مست العدالة بشكل واضح، فإن دورا مأمولا من وزارة العدل ينتظره التجار والشركات والمؤسسات التجارية.

يقوم التحكيم بدور مساند للقضاء من خلال إتاحة الفرصة للمتنازعين لاختيار التحكيم بديلا عن اللجوء للمحاكم، ولأن التحكيم يحقق للخصوم السرعة والتخصص الدقيق في كل نوع من أنواع المنازعات، فإنه الطريق الأقصر والأفضل للمتعاملين في النشاط التجاري بالذات، ولكن لأن تجربة التحكيم في المملكة لم تكن في المستوى المأمول، بل هناك من انتقد التحكيم، وخصوصا الشركات التي لجأت للتحكيم وذاقت التجربة المرة في طول الإجراءات ثم العودة إلى نقطة الصفر من جديد، ليضيع الوقت والجهد والمال ثم تبقى الدعوى في مكانها تراوح بين هيئة التحكيم والمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، التي ترى في التحكيم منافسا يجب إزاحته وتهميش قراره لأبسط الأسباب.

والحقيقة أن قرار مجلس الوزراء سيحدث نقلة كبيرة في التقاضي في القضايا التجارية والمدنية لأنه أنشأ مركز تحكيم تجاري يعمل تحت مظلة مجلس الغرف التجارية والصناعية لخدمة القطاع الخاص والتجار، سواء كانوا شركات أو أفرادا، حيث يتيح لهم المركز فرصة إقامة الدعاوى أمام هذا المركز سواء كان هذا الاتفاق واردا في العقود التجارية التي تم إبرامها سلفا، أو في اتفاق لاحق بين الأطراف على اللجوء للمركز السعودي للتحكيم التجاري، والمهم الآن هو كيف سيعمل هذا المركز الذي يجب أن يتجنب الطابع الشخصي في العمل، مثل اختيار المحكمين وتحول بعضهم إلى مدافع عن الطرف الذي اختاره، وغير ذلك من السلوكيات التي يتم فيها الخلط بين المحكم والمحامي، فالقائمة واحدة ويتم الاختيار من بينها ليقوم الشخص الواحد بدور مزدوج، وهو سلوك غير لائق مهنيا وأخلاقيا وحتى قضائيا.

المصدر : جريدة الإقتصادية - الأحد 1435/10/24هـ. الموافق 20 أغسطس 2014