كلمة الاقتصادية - الاقتصادية

عدد القراءات: 977

عدد من رجال الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية في جدة قاموا بمبادرة لتأسيس مشروع “كلنا منتجون”، والإعلان عن إطلاق شركة للأسر المنتجة؛ بهدف تنمية قدرات تلك الأسر، والتخفيف عنهم؛ لتسويق منتجاتهم للتخفيف من الأعباء التي يواجهونها. وتم تخصيص مبلغ 50 مليون ريال لهذا المشروع المدعوم من رجال الأعمال، وسبق لغرفة جدة أن خصصت صندوقا لدعم الأسر المنتجة بقيمة بلغت 100 مليون ريال، وتمكن الصندوق من تسويق منتجات الأسر على مدى سبعة أعوام، وحقق مبيعات تصل إلى 20 مليون ريال.

لقد قرر بعض رجال الأعمال توجيه استثماراتهم في منتجات الأفراد العاملين من المنزل؛ من أجل تفعيل الموارد البشرية المعطلة المستبعدة من حركة الاقتصاد الوطني، التي تعد عبئا على الدخل القومي؛ لتمكينهم من الاستحواذ التدريجي بمنتجاتهم من حجم الإنفاق الاستهلاكي. وسبق هذه الفكرة الرائعة ما قامت به 12 سيدة في المنطقة الشرقية من الاستثمار في أحياء فقيرة، بعد أن أصبحت هذه الأحياء مستودعا للأسر محدودة الدخل، وغرقت في بحر من تدني مستوياتها الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، وتعصف بها دوامات البطالة التي بدورها تغذي مشكلة تدني المستويين الاجتماعي والتعليمي كلما زاد عدد السكان وتعاقبت الأجيال.

لقد بدأت السيدات السعوديات رحلتهن مع هذه الأحياء بتأسيس لجنة أهلية سمينها ”ود” للتكافل والتنمية الأسرية، تعمل على استقطاب العائلات الفقيرة. وبمحاولات صادقة وجادة شاركن فيها بأيديهن، استطاعت الجمعية أن تنهض بأكثر من 1500 أسرة فقيرة، حيث تبنت اللجنة تدريب نساء الأسر الفقيرة في هذه الأحياء على مهن متنوعة تتناسب وطبيعة المرأة.

من الأهمية بمكان التنسيق بين الجهات الداعمة وهذه الجمعيات، حيث يمكن دعم الأسر الفقيرة تحت إشراف هذه الجمعيات من خلال برنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند”، وقف دعم المشاريع الصغيرة في غرفة تجارة وصناعة جدة، ومشروع بادر في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجميع الجهات المهتمة وذات العلاقة. فتنسيق الجهود من أجل نقل الأحياء الفقيرة إلى أحياء منتجة، وإيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل، خاصة فئة النساء، يعد دعما حقيقيا وملموسا لجهود المخلصات من أبناء هذا الوطن، واستثمارا حقيقيا لهذه الأفكار الخلاقة التي تمس الواقع المُعاش للإنسان السعودي، وليست مجرد تصريحات واهية بعد مناقشة سطحية لهموم الفقراء والعاطلين.

لقد نمت برامج المسؤولية الاجتماعية في المملكة، وبدأت ثقافة المسؤولية الاجتماعية تتحرك ببطء في الشركات والمجتمع، وشاعت ثقافتها في المجتمع، وخرجت منتديات عرضت قضايا وتجارب وأطروحات ناجحة، عززت مفهوم العمل الاجتماعي بين الأفراد والمؤسسات، وزادت من تفاعل القطاع الخاص عبر برامج المسؤولية الاجتماعية تجاه المستفيدين من خدماتها، ونتمنى أن يدرك القطاع الخاص اليوم أهمية دوره في رسم وتحديد أطر العمل الاجتماعي، بل الدخول يدا بيد مع المؤسسات الحكومية في رسم هوية التفاعل الاجتماعي.

إن خروج هذه المبادرات والمشاريع الكبيرة من رحم القطاع الخاص هو إدراك لدور مطلوب منه لمجتمعه، وأن على هذا القطاع أن يسهم بقوة في بناء دور تنموي، ومن هنا أصبح هذا المولود الكبير في المجتمع في حاجة إلى حماية من الموت البطيء، ومن يتلمس مشاريع المسؤولية الاجتماعية في المؤسسات المالية أو الشركات أو المصانع الوطنية يجد أنها انطلقت متأخرة وفاعليتها ما زالت دون المستوى، مع أن المجتمع تفاعل معها وتقبلها المستفيدون، لكن هل تستمر متوقفة على العطاء غير المنظم والدعم القليل المتقطع الذي يتوقف بحسب الأرباح والخسارة في موازنة الشركات أو سنوات الرخاء المالي والجفاف.

المصدر : الاقتصادية - 23/3/2015