محمد الوعيل - جريدة الرياض

عدد القراءات: 1152

التلاحم الكبير الذي عبر عنه الإنسان السعودي حول جريمة القديح وكذلك التلاحم الدولي الذي أبداه العالم مع المملكة من خلال الاتصالات الهاتفية بقائد هذه الأمة سلمان بن عبدالعزيز إنما يؤكد في مجمله رفضهم لمثل هذه الجريمة النكراء وكذلك ترحماً على الضحايا.

إن الحادث الإرهابي المجرم، يكشف عن عورة بعض التنظيمات التي تتستر بالدين، وتتاجر به، وأين؟ في المملكة حامية حمى الحرمين، وقبلة المسلمين في كل العالم، والحادث الإجرامي، لم يُقم أية قيمة أو وزن، لنداء «الله أكبر» وصلاة الجمعة، في دلالة واضحة على أن مرتكبي الجريمة، والمحرضين عليها، والمنظّرين لها، هم أبعد ما يكونون عن أي قيمة أخلاقية أو دينية أو إنسانية على الأقل.

إن دماء وارواح وجروح 120 سعودياً، في قرية آمنة، ووادعة، هي نتيجة فتنة مقصودة، تؤكد أن استهداف إحداث بلبلة في هذا الوطن، هو الهدف الاستراتيجي لجماعات التطرف والعنف، التي سبق لها أن أججت نيران الفتنة في العراق وسورية واليمن ولبنان، ولا يُمكن أن يكون وراءها أبداً أي مسلم حقيقي، وإنما هناك «مستفيدٌ» ما، يهمه أن يزرع القلاقل والفتن في ربوع بلاد المسلمين.

فبأي ذنب يتم قتل مصلين؟ وبأي هدف يتم استهداف مسجد؟ وبأي وجه يزعم متبنو الجريمة، أنهم يمكن أن يقابلوا الله؟ وأي أخلاق أو إنسانية تلك التي تدفع البعض لقتل أبرياء ذهبوا ليعبدوا الله؟

للأسف الشديد، المستفيد من الجريمة المخزية، والتي تأتي عقب ستة أشهر تقريباً من جريمة «الدالوة» الشهيرة بالأحساء، هو ذاته الباحث عن الترويع والعنف وإيقاع البلاد في أتون طائفية مقيتة، تحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على تأكيد المواطنة كشرط جوهري للانتماء بيننا جميعاً كسعوديين، وتنبذ التفرقة بين منطقة وأخرى، أو بين مواطن وآخر.

ولا يمكن أبداً إغفال أن جريمة «القديح» جاءت عقب ساعات قليلة من تأكيد قائد الأمة سلمان بن عبدالعزيز، على عدم التفريق بين أي مواطن، كما أنها تأتي وبلدنا يعيش حالة حرب على الحدود الجنوبية مع فلول جماعات الحوثي الإرهابية، وتقود عمليات عاصفة الحزم في اليمن.

كلنا يعرف أن تنظيم داعش الإرهابي، يحاول إيجاد موضع قدم له في المملكة، بعد عجز العالم عن وقف تمدده في العراق وسورية، وكلنا يدرك أن جيرانا إقليميين، يخوضون صراعاً معلنا أو مستتراً، مع المملكة، بعد إحباط مشروعاتهم المذهبية والتوسعية.

من ينكر نظرية المؤامرة، هو بالأساس جزء من مؤامرة أخرى، لا تقل خطورة وإجراماً. وما حدث يستوجب التفكير الجدّي في كل ما من شأنه حفظ وحماية أبنائنا في كل مكان، من القطيف إلى جدة، ومن حدود الشمال إلى أقصى الجنوب، وعلينا أن نثق في أن وطننا شعبا وقيادة، سيدحر هذا الإرهاب الأعمى، وأن دماء الشهداء لن تذهب هدراً.

المصدر : جريدة الرياض - 27 مايو 2015م