د. أحمد الجميعـة - جريدة الرياض

عدد القراءات: 1202

حقوق الإنسان في المملكة واحدة من أهم القضايا تناولاً في الإعلام الغربي، وأكثرها حساسية وإثارة في التعبير عنها، وضعفاً ومحدودية في مصادر الحكم أو التعليق عليها، خاصة غير الرسمية منها، ورغم الجهود الحكومية المبذولة من هيئة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان في محاولة تصحيح الصورة الذهنية لدى الغرب وإعلامه تحديداً، إلاّ أن هناك من يرى أن الهيئة والجمعية لم يقدما ما يكفي إعلامياً في إظهار ما تحقق من منجزات لحقوق الإنسان في المملكة، وهو ما عبّر عنه صراحة وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية “توبياس إلوود” في زيارته للمملكة قبل أيام عن جهل البريطانيين بالتقدم الملحوظ الذي تشهده المملكة في مجال حقوق الإنسان، وقبل ذلك اعترافات لهيئات ومنظمات حقوقية زارت المملكة وأعلنت صراحة عن ضعف الجانب الإعلامي في إبراز الإنجازات الكبيرة التي تحققت في هذا المجال، ومن ذلك تمكين المرأة ناخبة أو منتخبة في المجالس البلدية، وإنشاء هيئة للمحامين، وصدور نظام حماية الطفل، وآخر للجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتعديلات نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية، والسماح بصدور سجلات الأسرة للمرأة السعودية المتزوجة والمطلقة والأرملة، إلى جانب إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية كواجهة لاهتمام المملكة بالإنسان أياً كان جنسيته وموقعه.

المملكة تطبق الشريعة الإسلامية بأحكامها وتعاليمها، وتصون كرامة الإنسان، وتحمي حقوقه، ويقوم حكمها على أساس من العدل والشورى والمساواة، ولا فرق بين مواطن وآخر في الحقوق والواجبات، وهي رسالة ومنهج ارتضيناه، وتعاهدنا عليه، ومستمرون فيه، ولا نقبل من أحدٍ أن يزايد أو يساوم عليه، مهما كانت المبررات، أو التوجهات، أو حتى موجات الحقد والكراهية؛ لأن الأهم هو ما نحتكم إليه، وليس ما نتفق عليه، ولهذا كان القضاء مستقلاً، وأحكامه عادلة وناجزة، والتعامل مع الآخر على أساس البينة وليس الشبهة، وأكثر من ذلك أن الإنسان ليس حراً بلا مسؤولية، وليس مقيداً عن واجب العمل.

هذه المبادئ التي نؤمن بها لم يواكبها عمل إعلامي خارجي يستطيع أن يبرز الحقائق بعدة لغات، وأن يصل إلى دوائر النخب المؤثرة في أكثر الدول تأثيراً على القرار العالمي، ولهذا لا نزال نتلقى ضربات الإساءة، والتشكيك، والتأزيم، وتضخيم الحوادث الفردية وإبرازها على أنها قضية رأي عام، بل بعضها وصل إلى أروقة السياسة الخارجية للدول، والتعليق عليها من محامين ومنظمات حقوقية، وتم تكثيف التعرض الإعلامي حولها، واستغلها الأعداء لتمرير مشروعاتهم السياسية والطائفية أحياناً.

نعم الهيئة والجمعية بحاجة إلى جهد إعلامي مضاعف حالياً، ومسؤولية هيئة حقوق الإنسان أكبر بحكم الإمكانات ومرجعية القرار الرسمي ونطاق المسؤولية، ولكن علينا أن نتحلى بكثير من الحكمة والتعقل، ولا نلوم جهة أو أكثر ونحن ندرك أن موضوع الإعلام الخارجي للمملكة بحاجة إلى إعادة صياغة ورؤية جديدة، وحقوق الإنسان جزء مهم من هذه الرؤية، وعلينا أن نكون منصفين أيضاً من أن هناك جهوداً تبذل حالياً من وزارة الثقافة والإعلام للتصدي لهذا الملف المهم في هذه المرحلة، ونحن على يقين من أن هناك رؤية سوف تتشكّل في لغة الخطاب الخارجي، ومنصة للتعبير الرسمي يقف عليها متحدث باسم الوطن، وقنوات بعدة لغات، وحسابات متعددة الأهداف والتوجهات على مواقع التوصل الاجتماعي لتزويد الآخر بالمعلومات الصحيحة في وقتها، ومخاطبته بعقلية الإنسان المستقل وليس المؤدلج.

أتمنى أن يكون هناك تنسيق إعلامي أكبر بين هيئة حقوق الإنسان ووزارة الثقافة والإعلام في هذه المرحلة، وأن يكون هناك رؤية مشتركة لنشر الأفكار قبل المنجزات التي تعبّر عن منهج المملكة، وتخاطب الإعلام الغربي بالرسالة التي يفهمها ولا يتجاوزها، وتمنحنا فرصة أكبر للانتشار، فما المانع أن ننتج أفلاماً وقصصاً إنسانية قصيرة بعدة لغات وننشرها في فضاء النت أو القنوات الإخبارية المؤثرة؟، وما المانع أن يكتب د. بندر العيبان مقالاً أو يجري مقابلة تلفزيونية أو صحافية مع أي وسيلة إعلامية مرموقة خارجياً؟، ما المانع أن نصل إليهم قبل أن نستضيف بعضهم في غرف اجتماعات وينتهي الكلام عند ما قدمنا ولا نواجه ما يحاك ضدنا!.

المصدر : جريدة الرياض - 27-01-2016