اقتصادنا لم يعد مرتبطاً بالنفط
محمد عبدالله السويّد * - جريدة الرياض
هذه حقيقة وليست توقعا، فالاقتصاد السعودي لم يعد مرتبطا بسعر النفط بداية من السنة الحالية فقد قام المجلس الاقتصادي بفصل الرابط الهيكلي المؤثر ما بين الميزانية العامة وعائدات النفط المتذبذبة عندما أعاد هيكلة الميزانية العامة لتعكس أرقامها التقديرية المصروف الفعلي لاحقا بدون أن يكون هناك تجاوزات للصرف كما كان سابقا عندما تنخفض او تزداد عائدات مبيعات النفط السنوية. انفصال الاقتصاد عن النفط لا يعني حاليا تحقيق أي هدف وإنما يعتبر جزءا من خطة عمل لجعل الاقتصاد أقل اعتمادا على النفط والذي كان لصيقا به بشكل مباشر طوال العقود الماضية.
الأهم في هذه العملية هو فهم تبعاتها لكي يتمكن الجميع من التعامل معها بالطريقة المناسبة. كما لاحظتم، خطط الصرف الحكومي الجديدة لم تعد تعتمد على صرف مبالغ تتجاوز 300 مليار ريال سنويا، والتي كانت تحفز النمو المستمر في الاقتصاد طوال الفترة الماضية، بل أصبحت الآن محدودة بالميزانية العامة المقدرة بأقل من 840 مليار ريال، بزيادة سنوية لا تتجاوز 5% تقريبا، والتي من المرجح أن تشمل الميزانية السنوية لبرنامج التحول الوطني 2020، وهي 53 مليار ريال تقريبا، بمجموع 270 مليارا لخمس سنوات.
أعتقد أن هذه التغييرات ستؤثر بشكل مباشر هذه السنة على نمو الاقتصاد، والذي كان واضحا من تباطؤ نمو الناتج المحلي من خلال الربع الأول ولكن من المبكر الحكم على وجود أي ركود في الاقتصاد حتى تظهر أرقام الناتج المحلي للربع الثاني واتضاح وجود استمرار لهذا التباطؤ أو انكماش في نتائجه، ولكن من خلال متابعة النتائج المالية المعلنة أخيرا للشركات المدرجة في سوق الأسهم اتضح وجود مؤشرات غير مباشرة لهذا التباطؤ في نمو الاقتصاد.
أظهرت النتائج المجمعة للشركات بأن نسبة صافي الدخل ونسبة ارباح العمليات مازالت متدنية ولم يحصل فيها تحسن ملفت، ولكن في المقابل تحسنت نسبة إجمالي الربح منذ تحقيق أقلها خلال 2015م بقيمة أقل من 28% إلى 29.5% خلال منتصف 2016م، مما يعني أن أغلب شركات السوق ركزت على تحسين كفاءتها الإنتاجية والتي بالتالي ساعدت في استقرار نسبة صافي الدخل خلال منتصف السنة الحالية مقارنة بالسنة الماضية.
خلال بقية السنة، عندما تجد الشركات أن تحسين الكفاءة الانتاجية لن يكون كافيا للمحافظة على ربحيتها، ستتحول إلى تحسين كفاءة عملياتها الإدارية والتسويقية مما يعني أنها ستقوم بالتركيز على زيادة نسبة أرباح العمليات وذلك عن طريق أتمتة عملياتها أو بخفض حجم القوى العاملة التي تستعين بها، خاصة إن استمرت مبيعاتها الربعية في التقلص حتى نهاية السنة الحالية.
الشركات المدرجة في السوق لا تمثل كافة القطاع الخاص في السعودية ولكنها تعتبر مؤشرا جيدا يمكن القياس عليه. إضافة إلى ذلك، فمؤشر الركود الاقتصادي عندما يتم تأكيده في الربع الثاني فمن المرجح أن يدفع صندوق النقد الدولي لمراجعة نسبة النمو التوقعة للاقتصاد خلال 2016م، ويفتح المجال لمكاتب التصنيف الائتماني بخفض التصنيف الائتماني للسعودية خلال السنة الحالية مرة أخرى.
هذه التطورات المتوقعة من الممكن أن يكون لها انعكاسات سلبية على ثقة المستثمرين خاصة وأن منظومة حوكمة رؤية السعودية 2030 لم يتم تفعيلها بعد مما سيضع عقبات وصعوبات أمام نمو قطاعات حيوية متعددة في الاقتصاد ويجعلها تدخل في دوامة انكماش غير ضرورية يمكن أن يتفاقم أثرها السلبي بسهولة مع نهاية السنة ويزيد من مخاطر تنفيذ خطط عمل الرؤية خلال السنوات القادمة، لذا من الأحوط للمستثمرين والأفراد تأجيل خطط الصرف والتوسع حتى بداية 2017م.
المصدر : جريدة الرياض - 1أغسطس 2016