هيفاء صفوق - جريدة الحياة

عدد القراءات: 750

وجود مكاتب متخصصة للمصالحة خاصة بالسيدات خطوة إيجابية جداً، ستساعد في حل العديد من القضايا أو الحد منها، وسترفع الحرج عن السيدات بأن يتحدثن بصراحة وأريحية أمام اختصاصيات اجتماع ونفس، وهذا يساعد كل الأطراف في فهم الموضوع والقضية، ويساعد المتضررة من السيدات في أن تشرح قضيتها من دون خجل، وبصراحة لا تستطيع أن تتحدث مع الرجل في كل الأمور، وخصوصاً الحساس منها، وأيضاً سيساعد في الوصول إلى حل القضية نفسها إذا بدأت بخطوات واضحة لا يغلفها الغموض أو الخجل أو السكوت على بعض النقاط المهمة.
لذا سعدنا كثيراً بالقرار الصادر عن وزارة العدل التي تسعى إلى زيادة عدد الفروع في مكاتب المصالحة في المحاكم وتزويدها بكوادر نسائية متخصصة ومؤهلة لذلك، وهذا يساعد في معرفة السيدات حقوقهن والقدرة على التحدث بطلاقة وشعورهن بالأمان النفسي والمعنوي.
ومهمة وزارة العدل يجب أن تقتضي أيضاً بأن تكون الكوادر النسائية المتخصصة صاحبة خبرة ومدربة جيداً، لأننا سنصادف قضايا جوهرية ومعقدة كنزاع بين الطرفين على حضانة الأبناء أثناء الطلاق ومن هو المؤهل حقيقة في الحضانة، وقضايا العضل وكيفية البحث عن مخارج لها وحلول بأقل خسائر، وقضايا الزوجية المتكررة التي وصلت إلى أبواب الطلاق والقضايا الجنائية والحقوقية وغيرها من القضايا، كل ذلك لا بد أن يكون في متناول اختصاصيات متدربات جيداً، يجدن منذ البداية التعامل مع السيدات بطرق احترافية والقدرة على الاستماع لهن وإعطائهن مساحة من الحديث والإفراغ، لأن ذلك يساعد القضية نفسها، بأن تدرك الاختصاصية أين يكون الخلل والسبب من دون ضغط منها، ومن دون مبالغة من السيدة المتضررة أيضاً، لأن الهدف هو معرفة الأسباب الحقيقية في حدوث هذه النزاعات وكيفية معالجتها قبل أن تصل إلى الحكم النهائي عليها، لأن غالب المشكلات لم تعرف الأسباب الحقيقية خلفها، فتركت آثاراً سلبية لكل أطراف القضية، هل كان خلفها العناد أو الظلم أو الجهل أو عدم الإدراك في كيفية حلها بطرق سليمة وسلمية خالية من الانتقام والكره والتجني، إذاً مهمة الاختصاصيات إدراك ذلك ومحاولة تقليص هذه الخلافات والنزاعات قدر الإمكان، في محاولة استبصار جميع أطراف المشكلة سواء كانت بين الزوج والزوجة، أم بين الابنة والأهل، أم هضم الحقوق، لمعرفة الدوافع والأسباب للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، لا يخفى على أحد أن هذه القضايا ليس الحل في تأجيلها سنوات عدة أو الإقدام سريعاً في البت فيها من دون إدراك حقيقة منبع المشكلة، نحتاج إلى عملية دقيقة في استعراض القضايا والتأني في معرفة خفاياها.
فكم زوجة طالبت بالطلاق لأسباب لم يدركها للأسف القاضي، ومكثت حبيسة الأدراج لسنوات طويلة أصبحت فيها الزوجة معلقة لا هي مطلقة ولا هي مع الزوج، بسبب تمادي زوجها لعدم تطليقها، ولم يسمح لها القاضي في الحديث عن وضعها وأسبابها كفاية، بل بعضهن لم تستطع أن تتحدث أو تكمل رأيها وأعطيت مساحة صغيرة من الوقت لتتكلم وتتحدث، وكانت أساليب الحلول فقط هي محاولة الرجوع للزوج من دون فهم الأسباب الحقيقية لذلك، حالات عدة ذهبت أعمارهن وسنوات طويلة وهن ينتظرن الطلاق ولم يأت.
هنا بالذات دور مكاتب المصالحة سيكون بإذن الله موضوعياً يرصد حقيقة المشكلات وأسبابها وعواملها ونقاط القوة والضعف فيها بموضوعية ومن دون انحياز، مما يسهل الوصول إلى الحلول الجوهرية في عملية الصلح ولا تكون كحبة بنادول مسكنة بعض الوقت، بل تدرس هذه القضايا دراسة موضوعية متخصصة تساعد في إيجاد الحلول أو التكيف مع هذه المشكلات قبل الوصول إلى الطلاق كحل أخير، وتصل للقضاء بعد أن يكون أمام القاضي الملف كاملاً بالأسباب الجوهرية والحقيقية ورأي الاختصاصيات الاجتماعيات والنفسيات، اللاتي تمكن من الاطلاع على الأسباب الجوهرية التي لم تستطع المتضررات التحدث بها أمام القاضي أو الاختصاصي، والهدف واحد هو مساعدتهن لحل قضاياهن قبل التدخل الأخير من دون الاستعجال أو التأخر سنوات طويلة.
لذا أعود لضرورة إيجاد كادر اختصاصي اجتماعي ونفسي ملم ومدرب يعي كيف يتعامل أولاً مع الأفراد بموضوعية ومهارة علمية في جمع المعلومات والتحقق من الأسباب والعوامل الباطنة، التي ربما لا يشاهدها أحد غيرهن.

المصدر : جريدة الحياة - 17 أغسطس 2016م