كلمة الأقتصادية - جريدة الأقتصادية

عدد القراءات: 627

إن الدراسة التي أعدتها وزارة العدل التي تتضمن معرفة أسباب تزايد قضايا الامتناع عن النفقة الشرعية للأطفال والزوجة وكيفية علاجها، قد جاءت في محلها ووقتها لحسم التجاوزات في هذا الجانب وردع المخالفين أصحاب القلوب القاسية، خاصة أن الوزارة قررت وبحسم واضح أن تتم معاملة الممتنع عن النفقة بمراعاة ما تقضي به النصوص النظامية الواردة في “نظام الحماية من الإيذاء” و”نظام حماية الطفل” في حالة النظر القضائي، واعتبار الامتناع عن النفقة المقررة شرعا إحدى صور العنف الموجه إلى الطفل، وفقا للأنظمة واللوائح المعمول بها.
لقد أتت هذه الدراسة في أهميتها من خلال اتخاذ الإجراءات النظامية في حق الآباء الممتنعين عن أداء النفقة لأن الإيذاء هو كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، وأنه يدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعا أو نظاما توفير تلك الحاجات لهم.
وعموما فإن نظام الحماية من الإيذاء” ينصُ في المادة (13) أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال، ولا تزيد على 50 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب فعلا من أفعال الإيذاء الواردة في المادة (1) من النظام، وأنه في حال العودة تضاعف العقوبة.
كما أن هناك في المحاكم معاناة تعيشها الزوجة وأطفالها في إثبات حقهم الشرعي تجاه الأب المماطل والمنكر لواجباته الشرعية تجاه الزوجة والأطفال ويترتب على هذا الحال عدم الاستقرار المعيشي والاجتماعي للزوجة المطلقة وأبنائها، وإن من الواجب أن يتحرك كل فرد بدءا من ذاته ليواجه سلوك العنف المرفوض شرعا وخلقا، خصوصا داخل الأسرة.
اليوم هناك خطوات وضعها مجلس الوزراء ولم يعد هناك ما يبرر تناول هذا الموضوع الحساس بالاستحياء والسلبية سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الأهلي؛ لأن حالات العنف الأسري ضد المرأة وضد الطفل لم تكن لدى أذهاننا القدرة على تصورها، فإن المكان الأخير الذي يمكن أن توجد فيه الجريمة هو البيت، ففي إطار الأسرة الواحدة المكونة من الأبوين والأبناء توجد العاطفة والحب والتضحية وكلها تقاوم؛ بل تنفي فكرة الإقدام على العنف، ولكن اليوم يحدث ما لم يكن متصورا، وأصبح لزاما على المجتمع أن يبحث عن حلول للتعامل مع حالات العنف الأسري.
إن قضايا العنف الأسري ذات صبغة جنائية ولذا فهي من اختصاص المحاكم الجزائية، ولكن هناك قضايا متفرعة عن قضية العنف الأسري، حيث يتم غالبا رفع دعوى أمام محاكم الأحوال الشخصية مثل دعوى الخلع أو طلب الحضانة ونحو ذلك من القضايا التي تتسم بأمن أفراد الأسرة وهو قرار يجب أن تكون فيه المحكمة حازمة وحاسمة، فهناك حالات في غاية الخطورة وتحتاج إلى تدخل ذي صبغة وقائية لمنع الجريمة داخل الأسرة وبين أفرادها.

المصدر : جريدة الأقتصادية - 20 أغسطس 2016م