فهد الحوشاني - جريدة الجزيرة

عدد القراءات: 800

أشارت دراسة علمية إلى أن نحو 80 في المائة من متخصصي التربية فاشلون بتربية أبنائهم! فالمعرفه بعلم نفس النمو أو غيره ومعرفة أفضل الطرق للتربية لا تحقق قطعًا تواصلاً جيدًا مع الأبناء، فالأمر يحتاج إلى كثير من الجهد وقبل ذلك توفيق إلهي لمعرفة كيفية الإبحار بسفينة العائله في بحر الحياة الهادر!
الملاحظ أن الفجوة بين الآباء والأمهات والمعلمين وهذا الجيل تتسع إلى أقصى مدى لها، لذا نشاهد كثير من الانفلات والخروج من عباءة الأسرة. لم تعد الأسرة والمدرسة هما شريكا التربية للأطفال، فالآن تشاركهما وسائل التواصل الاجتماعي والشغالات ووسائل الإعلام وغيرها! لهذا نشاهد ما يمكن أن نسميه محاولات التمرد على المؤسسات التربوية (الأسرة والمدرسة) وعدم الانصياع لها كما كان الجيل السابق الذي كان الاذعان أحد صفاته، ونلاحظ كثرة المشكلات التي يقترفها الطلاب في مدارسهم بل ومستوى العنف فيما بينهم ومع معلميهم! الكثير من الجنح التي يقوم بها المراهقون في المدارس أو في مرافق المجتمع العام تعبر عن ذلك الانفلات والتمرد الذي يمارسه الجيل الحالي لينزع نفسه عن سيطرة الجيل الذي سبقه الذي يحاول بكل ما أوتي من قوه أن يمنعه بأساليبه القديمة لفرض سيطرته عليه، ولكن دون جدوى فهذا الجيل ثبت أنه يتشكل بطريقة مختلفة ربما في أغلبها لا تجد قبولاً لدى من سبقوه! وربما كان ذلك حصيلة طبيعية في عالم متنوع لم تعد سمة الخصوصية الواحدة تتواءم معه، البعض منا حتى الآن لا يعترف بأن الانفتاح على العالم سينتج عنه التنوع وأنه ليس بالإمكان منع المراهق من حمل الأفكار التي يريدها هو، وليس ما يريده الآخرون، انتهى ذلك الزمن الذي يتشابه فيه الناس في لباسهم وأكلهم وأفكارهم وثقافتهم!
الفشل سيلازم الكثيرين وهي السمة الغالبة لشكوى الآباء والأمهات والمعلمين إلا إذا استطعنا تفهم هذا الجيل والقرب منه، أما إذا حاولنا أن يصبحوا مثلنا ونسخة طبق الأصل فهذا أمر مستحيل، ففي هذا الزمن من الصعوبة التمسك بنفس الأفكار القديمة هذه سنة الله في خلقه، الجيل الحالي يشق طريقه بالتأكيد بطرق أحيانًا لا يريدها من سبقوهم، وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً أو كثيرًا فسنجد أنه بمرور الأجيال كان كل جيل لم يكن راضيًا عن الجيل الذي يليه، وإن كان الجيل الجديد (زودها شوي)! فيجب أن نعترف أن ذلك بسبب أن الحياة تفتحت أبوابها بطريقة لم نتوقعها نحن ولا هم! ولا اعتقد أن هناك حلولاً سحرية، لكن القرب من الأبناء وفتح أبواب الحوار والدعاء لهم بالتوفيق وتقديم القدوة الصالحة ستسهم بعد توفيق الله في مساعدتهم على النجاح في عبور مرحلة هي من أصعب مراحل الحياة.

المصدر : جريدة الجزيرة - 26 أكتوبر 2016م