أنمار حامد مطاوع - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 752

كل موظف حكومي تعامل مع أو يعمل في إدارة المشتريات أو الإدارة المالية أو أي إدارة مشابهة لهما.. يعرف جيدا أن شراء أي خدمة أو سلعة -سواء أجهزة أو أدوات أو مكاتب…- لصالح الحكومة من الشركات والمؤسسات الأهلية.. يتم حسابها بأسعار مرتفعة بنسبة أعلى -قد تصل إلى 100% وربما أكثر- من سعرها الحقيقي الذي يدفعه المواطن العادي أو القطاع الخاص.
الظاهرة معروفة للجميع، ولا أحد يتعامل معها من مبدأ الحل أو التغيير، فهي مُستشعَرة منذ عقود ولا تزال قائمة وكأنها واقع غير قابل للتفاوض. الشركات والمؤسسات الأهلية تدافع عن نفسها: بأن الدولة تؤخر صرف المستحقات المالية لعدة
أشهر وربما تُرحّل للميزانية التالية، مما يعني تجميد مبلغ مالي لعدة أشهر، وبالتالي ضياع مكسب.. لهذا، يتم حساب مكاسب تدوير قيمة المبالغ المجمدة وإضافتها على قيمة السلعة الأساسية، حتى لا تدخل في صفقة خاسرة من أولها.
يروي أحد الموظفين أن إدارته أرادت شراء آلة تصوير ذات مواصفات حديثة ومتطورة. فذهب لجمع المواصفات من الشركات المتخصصة في هذا المجال. وكان من ضمن المعلومات التي جمعها: سعر آلة التصوير: (50) ألف ريال. بعد أن تم شراء الآلة، تفاجأ الموظف أن المبلغ الذي تم دفعه للشركة هو (90) ألف ريال. عندما تواصل مع الشركة -من باب الفضول- أخبره المندوب أن: السعر (50) ألف ريال هو للفرد العادي، أما السعر الذي يباع به للحكومة فهو (90) ألف ريال. وذكر له السبب السابق حسن الذكر إضافة إلى أسباب أخرى سيئة الذكر مثل: أن بعض الإدارات تطلب مشتريات إضافية غير مُعلنة ولكنها تدخل ضمن الصفقة، إضافة إلى بعض الهدايا التي تقدم للمسؤولين عن المناقصة، وهذه الأخيرة ليست منتشرة ولله الحمد ولكن تأخذها الشركة في الحسبان حين تقديم العرض، وأيضا سبب آخر -ربما يكون الأكثر سوءا وفسادا- هو احتكار شركة محددة لبعض مشتريات جهة حكومية محددة.
الظاهرة تحتاج إلى دراسة ووضع حلول جذرية جادة، فطالما أن آلية المناقصات والعروض والمشتريات تتم بنفس الطريقة التقليدية الروتينية المتبعة، سيظل المشكل مستمرا.. وربما يزداد تعقيدا بعد مرحلة شد الحزام الحالية.

المصدر : جريدة عكاظ - 29 أكتوبر 2016م