محمد بتاع البلادي - جريدة المدينة

عدد القراءات: 770

• يبدو أن تبعات الحلقة الشهيرة من ( ثامنة داوود ) لن تنتهي قريباً ، فما جاءت به من تصريحات ( مزلزلة ) على لسان الضيوف، لم تستفز المواطن وحده وتدفعه للقيام بدوره الإيجابي والمفترض في مكافحة الفساد من خلال التخلي عن السلبية والإبلاغ عما يراه من خلل ، بل أخرجت أيضاً ( هيئة مكافحة الفساد ) من نغمة ( الوضع الصامت ) الذي كانت تعيشه ، ومن (الثوب التوعوي) الذي كانت تتدثر به منذ سنوات ، الى أدوار تنفيذية أكثر جرأة وإيجابية ، حيث أعلنت الهيئة قبل أيام أنها تحقق في قضية تعيين أحد الوزراء لابنه ( ثانوية عامة ) براتب يزيد عن 21 ألف ريال ، وكذلك في قضية ( العائلة ) التي تسيطر على جامعة كاملة وكأن (ما بالبلد غير هالولد ) ! .
• والى أن تخرج علينا نتائج التحقيق في القضيتين، أقول إن فرحتنا بخبر تفاعل الهيئة لا يعود لكونهما -إن ثبتتا-القضيتين الوحيدتين في هذا الفرع من الفساد ، فالجميع يعرف أنهما مجرد نموذجين لما يدور من تجاوزات في بعض المؤسسات .. لكن التفاؤل يعود للتحول الإيجابي للهيئة ،التي خلعت ثوب الواعظ والناصح السلبي ، وباشرت العمل التنفيذي الذي أنشئت من أجله ، وهو ملاحقة الفساد ومتابعة الفاسدين، وحفظ الأموال والحقوق العامة ، وهو كما قلنا الدور الأول والأهم بالنسبة لها ، بالإضافة الى كونه أحد أهم متطلبات نجاح رؤية المملكة 2030، فالفساد واستغلال السلطات من أجل تحقيق مكاسب شخصية وعائلية ضيقة ، هي العوائق الأصعب والتحدي الأكبر – في رأيي – الذي يواجه الرؤية ويهدد نجاحها .
• كتبت غير مرة عن الجامعات العائلية ، وعن حلقات الأقارب التي تحتكر الوظائف القيادية في بعض المؤسسات وتتسبب في فشلها وتحجيم إنتاجيتها ، ولاشك أن تحرك الهيئة لاستنقاذ هذه المؤسسات هو مطلب القيادة التي أنشأت هذا الجهاز قبل أن يكون مطلباً شعبياً ، فالجامعات التي تمثل المنارات التي تقود حركة التنوير في أي مجتمع ، يجب أن تقوم على مبدأ العدل في استقطاب الكفاءات ،لكنها قد تتحول إلى وبال على المجتمع نفسه عندما تصبح مسرحاً للانتهازيين الذين يحولونها إلى استراحات للاسترزاق العائلي ، بدءاً باغتصاب الفرص وتعيين الأقارب وليس انتهاء بتجارة الانتدابات و( الأوفر تايم ) و(الأترام الصيفية) ! .
• لازالت آمال المواطن في هيئة مكافحة الفساد تتزايد وتكبر مع كل قضية وطنية كبيرة ، فهي الجهاز الأقدر على كبح جماح الفساد وتقليل آثاره .. شريطة أن تخلع ثوب الواعظ ، وأن تلتقط بدلاً عنها مجهر الباحث عن الحق والحادب على مصلحة الوطن والمواطن .

المصدر : جريدة المدينة - 23 أكتوبر 2016م