محمد العصيمي - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 897

أنا على يقين بأن من طالع هذا العنوان تساءل عن أي فساد يحدث في صحراء الدهناء، خاصة وأن (الطعوس) محايدة لا تقدم ولا تؤخر في التنمية. ومع ذلك هناك علاقة غريبة للدهناء بالفساد، ذلك أن (نزاهة) أيدها الله غرست لوحات إرشادية على أطراف هذه الصحراء تقول: «إن الفساد تعطيل للتنمية». وكلما مررت بهذه اللوحات نشأت في ذهني هذه الأسئلة: من الذي قرر أن تشمل الحملة الطرق السريعة والكباري والأنفاق والصحاري.؟! هل حين اتخذ القرار درسه من حيث إن لا أحد سيتوقف أمام هذه اللوحات سوى (البعارين) العابرة والعمال الذين يشتغلون في الطريق.؟! ولماذا هنا، بينما كان يمكن أن تستغل هذه التوعية، التي أرى فيها شيئا من (السماجة)، في أماكن يغشاها الناس بكثرة ويمكنهم تأمل وفهم الرسالة التي تحملها.؟! ثم كم أصلاً، حسب نوع العابرين للطريق، عدد الذين سيفهمون العبارة ذاتها: «الفساد تعطيل للتنمية».
على الأقل، ما دام أن المسألة وضع لوحات والسلام، كان لا بد أن تكتب عبارات مباشرة ذات علاقة لعل العابر البسيط يفهمها؛ هذا إذا كان يعرف القراءة. مثلاً: «الفساد تدمير للثروة الحيوانية» أو «الفساد طريق إلى الإفلاس» وما إلى ذلك. طبعا هذا مما يجوز فيه التهكم لأن لا أحد، سواء أكانت العبارات غامضة أو مباشرة، قادر على استيعاب علاقة الصحراء بالفساد، سوى أن هناك من قرر أن ينشر رسائل التوعية كيفما اتفق دون مراعاة وتدقيق في أماكن وضعها وأثرها والعوائد على وعي الناس منها.
مثل ذلك مثل تلك اللوحات التي وضعتها وزارة النقل وكتبت عليها (إيميلها) لتلقي أي ملاحظات أو شكاوى على الطريق. كأنها لا تعرف أن السيارات على طريق الرياض – الدمام ترقص على (وحده ونص) في معظم أجزاء هذا الطريق الذي تذكروه الآن وبدأوا صيانته على طريقة السلحفاة، حيث تنجز كيلومترات محدودة كل حين. أو كأنهم لا يعرفون ويحتاجون إلى من يخبرهم عن طريق الجبيل – الظهران وغيره من الطرق التي يشتكي منها أهلها شكوى الأمرين لأنها لم تعد صالحة للاستعمال الآدمي.! أو حتى كأنهم سيردون على ذلك الإيميل الذي يسكن لوحة غطتها الرمال ونسيت هناك.!
المسألة، ببساطة، هي أن بعض المسؤولين لدينا لم يسمعوا بفضيلة الإتقان. وهم يأخذون قراراتهم وينفذون أعمالهم من باب واحد هو باب (ذر الرماد في العيون). أردتم توعية بالفساد ها نحن نشرنا رسائلنا حتى في الدهناء، وتريدون أن تتواصلوا مع وزارة النقل ها نحن وضعنا لكم إيميلاً بالكاد تتبينون معالمه.

المصدر : جريدة عكاظ - 9 نوفمبر 2016م