سمر الحيسوني - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1394

قانون الابتزاز .. لماذا اقتصر على الفتيات فقط ؟! تنتشر العديد من الظواهر الاجتماعية الدخيلة على مجتمعنا في الفترات الأخيرة، والتي كان من أبرزها وأكثرها حديثاً للساعة ظاهرة ابتزاز الرجال عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يُعرف بالعامية بـ «خرفنة الشباب». فما الأسباب التي تستدعي الخروج عن عرفنا الاجتماعي ومخالفة تقاليدنا التي تربينا عليها والوصول إلى هذه الدرجة من الانحدار الأخلاقي؟! ،فهذه الآفات الاجتماعية باتت تغزو مجتمعنا وتسمم عقول شبابنا دون مخافة من أي رقيب أو حسيب! فما الذي يجعل الفتاة تصل إلى هذه المرحلة من عدم الاكتراث بسمعتها لتقبل أن تساوم الرجل مقابل الحصول على خدمات مادية تافهة لا قيمة لها أمام سمعتها ؟! وبالمقابل، ما الذي يدفع الشاب ليقبل بأنّ يصرف مبالغ طائلة على الفتاة ويُلبي لها جميع طلباتها لمجرّد الخروج معها أو حصوله على صورة لها تكون مفبركة غالباً ! فهذه الآفات الاجتماعية لا يمكن وضع حدٍ لها إلاّ بسن قوانين صارمة تجرّم كل مرتكب لهذه الأفعال.وكان هذا الأمر جلياً بالقرار الصادر منذ أيام قليلة والذي اعتبر ما تقوم به الفتيات بهذا الشأن نوعاً من أنواع الجرائم الإلكترونية التي تُمارس ضدّ الشباب، والتي قد تصل العقوبة فيها لغرامة لا تزيد عن (500) ألف ريال سعودي والسجن لمدة عام، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كلنا مع القرار الصادر بتجريم هذا النوع من الأفعال التي تمس بأخلاقيات مجتمعنا، ولكن لماذا لم يشمل القرار الرجل أيضاً وعدم التفرقة بين الجنسين؟! فهل يكفي لجوء الفتاة للجهة المختصة والتي قد تطلب منها التحايل على الشاب واستمالته لتتمكن من ضبطته بالجرم المشهود! ،لماذا يعتبر مجتمعنا أنّ الشباب هم من بحاجة لحماية من هذا النوع من الجرائم دوناً عن غيرهم؟ لماذا لا يكون هناك وعي كافٍ لدى الشباب ومحاولة الحد من التهافت ومنع أنفسهم من الانحراف؟
فالقانون لم يُفرّق بين ذكر وأنثى! بل قواعده سلوكية عامة ومجرّدة، أي تطبّق على الجميع وليست محددة لجنس معين أو فئات محددة من غير البقية. فتطبيق هذا القرار سيواجه العديد من العقبات الممكنة، فهنالك شباب يقومون من باب التسلية بمحاولة الاتصال بشباب آخرين وإيهامهم بأنّهم فتيات، ويوقعونهم في شباكهم ويستغلونهم! ففي هذه الحالة ماذا سيتم تصنيف هذا النوع من الابتزاز؟ هل هو ممارس من امرأة ضد رجل؟ أم رجل ضد رجل؟ هل سيتم اعتبارها نوعاً من أنواع الجرائم المعلوماتية أم لن يتم ذلك نظراً لكون المبتز رجلاً وليس امرأة والقرار الصادر كان بحق الفتيات فقط!
أتمنى أن يتم تعميم القرار الصادر بتجريم الابتزاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليشمل الجنسين معاً بدلاً من تطبيقه على فئة واحدة في المجتمع دون الأخرى. كما أرجو أن يتم عمل برامج توعوية أكثر عن هذا الموضوع لتعريف جميع أبنائنا وبناتنا بهذا النوع من الجرائم وخطورته وانعكاساته السلبية على مجتمعنا، حتى نتمكن من خلال ذلك من تطبيق القرار بالشكل المطلوب ووفقاً للغرض الذي أُصدر من أجله وعدم الاكتفاء بالترهيب فقط دون اتخاذ التدابير الرادعة والتي تجعل القرار ذا أثر نافذ وفعّال. كما من الواجب نشر التعاميم المتعلقة بحماية مجتمعنا وما تتضمن من عقوبات قانونية لمن خالف القرار بشكل واسع النطاق على سبيل المثال كرسائل نصية توعوية كما لو أنه نوع من الدعاية التي تقوم بها هيئة الاتصالات وهي أهم الرسائل الموجهة للمواطن لما فيها من حفظ حقوقه ومعرفة واجباته في نفس الوقت.

المصدر : جريدة المدينة -