عدد القراءات: 1607

كد الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى وزير العدل أن الوزارة تتطلع إلى أن تدخل نادي الترافع الإلكتروني «المحاكم الإلكترونية»، مبيناً أن هذه النقلة ستريح من جهة الموارد البشرية، وتختزل الإجراءات زماناً ومكاناً، وأنه مستقبلاً ــ بإذن الله ــ سيكون بإمكان المترافع الدخول إلى بوابة الوزارة، والاطلاع على المذكرات، ومواعيد الجلسات، والتبلغ بموعد النطق بالحكم، والحصول على نسخة منه. وقال خلال استضافته في «نادي الاقتصادية الصحفي» أخيرا، إن موضوع تأخر البت في القضايا «مشكلة عالمية»، مشيراً إلى أن مكمنها لا يعود لأعداد القضاة، بل في أدوات العون والإسناد للقاضي، فالقاضي في المملكة يكلف بمسؤوليات إدارية وبحثية عديدة.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

أكد الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى وزير العدل أن الوزارة تتطلع إلى أن تدخل نادي الترافع الإلكتروني ”المحاكم الإلكترونية”، مبيناً أن هذه النقلة ستريح من جهة الموارد البشرية، وتختزل الإجراءات زماناً ومكاناً، وأنه مستقبلاً ـ بإذن الله ـ سيكون بإمكان المترافع الدخول إلى بوابة الوزارة، والاطلاع على المذكرات، ومواعيد الجلسات، والتبلغ بموعد النطق بالحكم، والحصول على نسخة منه.

جاء ذلك خلال استضافته في نادي ”الاقتصادية” الصحفي، حيث تطرق في حديثه لأعضاء النادي إلى كثير من القضايا في المرفق العدلي في المملكة.

فتحدث عن النظام العدلي في المملكة، وأنظمته، وعن تعديل نظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام المحاماة، وعن مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء، وفكرة الوساطة والتوفيق.

كان الوزير صريحاً وشفافاً، في طرحه وإجاباته، حيث تناول موضوع تأخر البت في القضايا، ووصفها بـ ”المشكلة العالمية”، مشيراً إلى أن مكمنها لا يعود إلى أعداد القضاة، بل في أدوات العون والإسناد للقاضي، فالقاضي في المملكة يكلف بمسؤوليات إدارية وبحثية عديدة.

وألمح الوزير إلى ضعف مستوى ”الثقافة الحقوقية” لدى الكثير, مبيناً أنه لا يطلب من الشخص العادي أن يكون في مستوى الحقوقي الممارس أو المتخصص، بل نطلب أن يكون لديه القدر اللازم من هذه الثقافة، مشيراً إلى أن وزارته تتحمل مسؤولية نشرها، وقد أعدت لذلك برامج مهمة ستنطلق رسمياً ـ إن شاء الله ـ مع تدشين المراحل العلميَّة لمشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء.

حديث الوزير اتسم بالوضوح والنظرة المستقبلية للرقي بهذا القطاع المهم، فإليكم ما جاء في ثنايا هذه الجلسة التي استمرت ساعة ونصف الساعة.

العدل .. والمستقبل

في البداية استهل الشيخ الدكتور محمد العيسى الحديث بأمنيته أن يكون الحديث شفافاً وواضحاً، لإعطاء إطلالة عامة على المرفق العدلي، واستشرافه المستقبلي، وقال الوزير في هذا الشأن: ”وزارة العدل تضطلع بمهام إدارية ومالية لكافة القطاع العدلي، كما يناط بها الإشراف على تطبيق أنظمة القضاء، وحسن سير المنظومة العدلية، وزارة العدل، كما يعلم الجميع حلت محل رئاسة القضاة، وقد صدر أول نظام للقضاء (بهذا الاسم) عام 1395هـ حاملاً تراتيب تنظيمية، ولمرونة المنظم استطاع تعديل العديد من مواده بعد فترة وجيزة من نفاذه، أخذاً في الاعتبار أن المقصود توخي مصلحة العمل، التي ألحت بتعديل بعض المواد، بعد وضعها على محك التطبيق.

ثم بعد ثلاث وثلاثين سنة صدر نظام جديد للقضاء شاملاً (في أهم معالمه) الأخذ بفكرة التخصص النوعي، وسَمَّى تحديداً خمس محاكم: المحاكم العامة، والمحاكم الجزائية، والمحاكم التجارية، ومحاكم الأحوال الشخصية، والمحاكم العماليَّة، كما شمل النظام إيجاد محاكم استئناف ومحكمة عليا، فالنظام ـ في درجات التقاضي ـ على درجتين وليس ثلاثاً كما يتصوره البعض؛ لأن المحكمة العليا ليست درجة تقاضٍ، بل هي محكمة نظام لا محكمة موضوع، وتمارس رقابة مزدوجة: انضباطية على أحكام قاضي الموضوع، ومعيارية على مدى سلامة تطبيق قواعد الشرع والنظام، وتضطلع ـ عند الاقتضاء ـ بمهمة التفسير القضائي للنظام فيما يخص القضايا المنظورة؛ لتوحيد تطبيقه أمام المحاكم في مشمول توحيد المبادئ القضائية الموكولة إليها.

وأضاف الوزير أن محكمة التمييز الحالية تضطلع بمهمة الاستئناف ـ في بعض مراحل القضية ـ وأن الهيئة الدائمة في مجلس القضاء الأعلى السابق تقوم بالتدقيق الوجوبي لقضايا القتل والقطع والرجم, وقد انتقل اختصاص الهيئة إلى المحكمة العليا ـ بما في ذلك النظر في الأهلة.

وقال: إن هذه الخطوة التنظيمية تعد نقلة نوعية، ومنعطفاً مهماً في تاريخ القضاء السعودي، وأشار إلى أن كثيراً من زملائنا القضاة والحقوقيين والقانونيين خارج المملكة أشادوا بهذه النقلة.

وكشف الشيخ العيسى عن تعديل لنظام المرافعات, وقال”سيصدر، لكنه سيكون في قالب نظام جديد، وهذا التعديل راعى في مهماته أحكام نظام القضاء النافذ”.

مشروع الملك عبد الله

عن مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء، تحدث بإسهاب، وقال:”هذا المشروع ينقسم إلى قسمين: قسم المنشآت والمباني، والقسم العلمي، ويُقصد بالأخير كلُّ ما يُعنى به المرفق العدلي في الجوانب العلمية، ومن ذلك: الدراسات والبحوث والاستطلاعات الميدانية، وإعداد الخطط والبرامج، وتنظيم المؤتمرات، والندوات، والملتقيات، وورش العمل، وتوسيع دائرة اتفاقيات التعاون القضائي وتفعليها على الوجه الأكمل، وعقد الشراكات في الداخل والخارج، وتبادل الزيارات والإفادة من الخبرات، وقال: إن منشآت وتجهيزات الوزارة القادمة ستكون ـ إن شاء الله ـ على أعلى المواصفات العالمية، بما في ذلك بنيتها التحتية التي ستكون ـ إن شاء الله ـ مهيأة للإفادة من كل معطيات التقنية الحديثة؛ لتدخل الوزارة إلى نادي الترافع الإلكتروني، وتختصر الوقت والجهد بما يسر الله من هذه التقنية، التي تعالج الكثير من إشكالات الترافع اليومي، بأسلوب تقني نقف فيه كلَّ يوم على مُبتكراتٍ مدهشة، بما في ذلكشؤون التوثيق، فالتقنية الحديثة تتيح الترافع، وتبادل المذكرات، وتلقي الإعلامات، وكافة الخدمات التوثيقية المتاحة تقنياً، بما في ذلك الاستعلام عن الوكالات، وإلغاؤها، وأخذ (برنت) عن تصرفات الوكيل، والإفراغ من أي مكان في المملكة بما يمكن معه إلغاء الولاية المكانية، وقال: ”إن خادم الحرمين الشريفين سيرى قريباً ـ بمشيئة الله تعالى ـ طموحه الكبير نحو مرفق القضاء، ولاسيما أنه ـ يحفظه الله ـ قدم لنا كل الدعم ولم يبق علينا إلا التنفيذ”.

الموارد البشرية

اعتبر الوزير أن اختيار الموارد البشرية في وزارته هو الأهم، وقال لا بد من حسن الاختيار وفق مطلبي: ”القوة والأمانة ”، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل حالياً على تطوير مواردها البشرية العاملة وفق خطط تدريبية، تتوخى معالجة ما قد يكون من مواطن قصور، وتطور مواطن القوة والتميز، وأن وزارته استعانت بخبراء في الموارد البشرية.

ذكر الدكتور العيسى أنه من منطلق مسؤولية الوزارة ـ بموجب نظام القضاء ـ عن تقديم المقترحات والمشاريع التي من شأنها رفع المستوى اللائق بمرفق العدالة، فإن لدى وزارته مشاريع تنظيمية مهمة وأخرى تحديثية سترفعها قريباً, وأنها ستسهم في تسهيل الإجراءات، ومن ذلك مشروع ”نظام الوساطة والتوفيق”، وقال الوزير عنه: ”فكرة الوساطة والتوفيق سبق أن قلت مراراً إنها اختزلت لدى بعض الدول الغربية 90 في المائة من تدفق القضايا إلى القضاء، ولدى بعض الدول العربية حدت بنسبة 40 في المائة، وعندما يخرج متخاصمان من ”مكتب الوساطة والتوفيق ”فسيكونان راضيين جميعاً، وقد تطوى ملفات خصومات أخرى، أما عندما يخرجان من المحكمة، فأحدهما راض والآخر ساخط في الغالب الأعم”.

التوثيق .. والمبايعات

لم يغفل الوزير في حديثه عن مرفق ”التوثيق”، حيث أكد أنه يحمل هم الجميع، وقال: ”إن الوزارة تقوم بمهمة إصدار صكوك شرعية للمبايعات، هذه الصكوك سندات صادرة عن مظلة عدلية لا بد أن نتحقق من سلامتها, ولو على حساب الوقت، نحن نسارع ولا نستعجل، فالسرعة مطلوبة والعجلة مرفوضة، عندما يخرج الصك مبتسرًا فالملامة على الوزارة، ولا سيما وقد كتب على هذا الصك: أنه من الصكوك الشرعية الصادرة عن وزارة العدل، فنحن مسؤولون، وسلامة تملك الثروة العقارية في أعناقنا ولن نتساهل في إجراءاتها.

وتابع الوزير : هناك من يستعجل وحسب استقرائنا نجد أن البائع هو من يعجل في الغالب الأعم, أما المشتري فهو أسعد ما يكون بالتدقيق والتمحيص، أبشركم أن غالب لجان فحص الصكوك في كتابات العدل انتهت، وأبشركم أن تم تعيين ما يربو على 50 كاتب عدل قبل شهرين تقريباً، وأبشركم أننا حصلنا في ميزانية هذا العام على وظائف شاغرة بعدد 150 كاتب عدل، وأبشركم أن هناك برامج تدريبية لكتاب العدل على أعلى المستويات في الداخل والخارج، وأبشركم أن الوزارة حريصة كل الحرص على أن يرى نظام التسجيل العقاري النور قريباً بمشاركة الجهات ذات العلاقة”.

أسباب تأخر القضايا

عرج الوزير عن تأخر القضاء في البت في القضايا، وقال: ”أحب أن أوضح حقيقة، أن تأخر البت في القضايا هي قضية عالمية، لا تجد دولة في العالم لا تحمل هذا الهم، بل إن بعض الدول الغربية ـ الأوروبية تحديداً، والتي سبقتنا في التقنية والإجراءات، لقيت لوماً من منظمات حقوقية عن تأخر البت في القضايا.

تأخر البت في القضايا هم، ولا بد له من علاج، ولا يمكن أن نقول إن الجميع يعاني هذه المشكلة، ومن ثم نتقاعس، والدراسات المبدئية تشير إلى أننا تجاوزنا المعيار الدولي في عدد القضاة, ويجب أن يؤخذ في الحسبان أن عدد القضاة في كافة الدول لا يكون مقتصراً على القضاء العام، والبعض يخطئ في تعداد قضاتنا حيث يقصره على القضاء العام، ويترك قضاة ديوان المظالم، والجهات الأخرى التي تُحسب ضمن أعضاء السلك القضائي في المعيار الدولي.

المشكلة ليست في أعداد القضاة مطلقاً، والحقيقة أننا لا نعاني نقصاً فيهم بقدر ما نعاني مشكلات أخرى، وهذه الحقيقة لا نرتجلها، بل ننطلق فيها من دراساتٍ ومُسُوحَاتٍ دقيقة، نحن نعاني مشكلة الأدوات المساندة والمساعدة للقاضي، القاضي ليس لديه باحث شرعي، ولا نظامي، ولا محضر قضايا، ولا سكرتير أو أمين سر مؤهل لهذا العمل، القاضي يضطلع بمسؤوليات عديدة، وتحديدًا مسؤوليات بحثية وإدارية، ولكم أن تتصورا أن القاضي يقوم بنفسه بكتابة الوقائع ودراسة القضية، وتحضير بحوثها، ومباشرة كافة إجراءاتها الإدارية داخل مكتبه، ومع هذا كله فليس لديه مبادئ قضائية مكتوبة، ولا مدونة أحكام، وهناك تدفق للقضايا لم تضبط بالحكم بأتعاب الدعوى ومصروفاتها، وتفعيل تعليمات الدعاوى الكيدية، التي تزداد يوماً بعد يوم خاصة في القضايا الجزائية، والقاضي يواجه طيفاً من المتخاصمين يزيدون من عبء القضية، ويكفي في هذا الخصوص أن المحاماة ليست إلزامية في المرافعة، وحاصله: أن القاضي يتكبد عناء القضية من ألفها إلى يائها، وزيادة أعداد القضاة يكبدنا تكاليف باهظة، ومع هذا فهو لا يجدي، وعندما نزيد في عددهم لمواجهة تأخر القضايا ولا ندرس الموضوع دراسة موضوعية، فإننا بالتأكيد سنكرس السلبيات السابقة ولا نعالج مكمن المشكلة الحقيقي، لنقولَ تبعاً لهذا التصور: إنَّ المَهام التي يقوم بها القاضي في مكتبه (الإدارية والبحثية والتحضيرية)، فضلاً عن غياب بعض الأدوات المساندة كنظام الوساطة والتوفيق وبقية ما ذكر من أدوات جميعها لا علاقة لها بتأخر البت في القضايا، وأن الحل هو في زيادة أعداد القضاة، وترك العمل على ما هو عليه، وماذا لو زدنا أعدادهم وتمت معالجة تلك الأمور، وانتهت المشكلة بمعالجتها لا بالزيادة وهو ما نقطع به يقيناً ـ بإذن الله ـ وفق دراسات علمية مسحية، ماذا سنفعل بالأعداد الزائدة التي يمثل متوسط مرتب أحدهمإضافة إلى المزايا التي اقترحها مشروع لائحة الشؤون الوظيفية للقضاة (في حال الموافقة عليها) ما يعادل عشرة باحثين، وأمناء سر، ومحضري قضايا ـ مؤهلين ومدربين ـ للعمل بمهنية عالية في المكتب القضائي، ويتركز دورهم على القيام بمهام محورية في تسريع الفصل في القضايا، تصل إلى نسبٍ عاليةٍ جداً من دورتها الزمنية، وكلُّ ما سبق تسندُهُ دراساتٌ موثقة”.

وأضاف ”اطلعنا على تجارب بعض الدول، فوجدنا أن القاضي مخدوم في دراسة القضية وكتابة وقائعها، ومخدوم قبل ذلك فيما يتعلق بجلسات المرافعة عندما تحال قضية إلى الدائرة، لتحال فيما بعد إلى أحد أعضائها، ثم يعهد بها العضو إلى أمين السر، ليستقبل المذكرات ويتم تبادلها عن طريقه إلا فيما يتطلب حضور الدائرة بكامل تشكيلها ولا يكون إلا في النادر، وفي بعض الدول الإسلامية ينظر القاضي في اليوم الواحد ما يقارب 40 جلسة، ولا تكبِّده عناءً؛ لأنها مخدومةٌ من الألف إلى الياء، ولا يتطلبُ من القاضي إلا العملَ الموضوعي في القضية (وهو منطوقها على أن القاضي يخدم في المنطوق أيضاً باقتراح الباحثين للعديد من خياراته من وحي السوابق القضائية) وما سوى ذلك وهو ما يمثل الركن الأهم (والبعد الغائب عنا) في مشكلة تأخر البت في القضايا فإنه موكول إلى الأدوات المساندة المنوه عنها”.

وتابع: ”لكم أن تتصوروا لو كانت هذه الوسائل متاحة لدينا كم يمكن لنا أن نختصر من وقت القضية، يجب أن نؤمن بأن لكل مشكلة سبباً، ولكل سبب علاج، ومع هذا يجب أن نؤمن أيضاً بأننا مهما بذلنا في علاج مشكلة تأخر القضايا فسيكون هناك هامش من التأخير لكن يجب أن يكون في السياق الطبيعي المسموح به ليكون مقبولاً وغير مؤثر، وهو ما نسعى إليه جاهدين، وسيستغرق العلاج بعض الوقت؛ لأنه يتعلق ببناء كوادر بشرية، وتشريعات، وهذه لا تعالج بزيادة الاعتمادات، أو بتأمين أجهزة ومنشآت، نستطيع الحصول عليها في وقت قصير، خاصة في ظل مشروع خادم الحرمين الشريفين ـ يحفظه الله ـ لتطوير مرفق القضاء، وما ضخه من مبلغ سخي لخدمة العدالة، وكلمة حق يجب أن تقال: وهي أن وزارة المالية كانت في منتهى: ”التعاون المدروس”و”التعاطي الإيجابي”نحو مشاريعنا لتطوير كافة خدماتنا العدلية، وليس مرفق القضاء فحسب”.

بعد هذا الحديث الموجز من قبل الوزير بدأت المداخلات التي استهلها الدكتور عبد الله القويز بالحديث عن موضوع تقنين القضاء والعجز في أعدادهم، واستفسر عن قضية حقوق الإنسان، وعلى الأخص التقرير الذي صدر من جمعية حقوق الإنسان في المملكة، فيما يخص المرأة وما تعانيه المرأة عندما تذهب إلى المحاكم.

وتطرق في مداخلته عن المحاكم المتخصصة والمحاكم التجارية، والحاجة الملحة بوجودها، إضافة إلى موضوع العقوبات البديلة، وهل سيكون هناك توسع بشأنها، واستفسر عن توكيل قضايا التوثيق إلى جهات خاصة.

رد الوزير على استفسارات الدكتور بالقول: أما ”التقنين” فقد صدر عن هيئة كبار العلماء قرار يجيز ”تدوين الأحكام القضائية” وفق آلية معينة جرى الرفع بها إلىالمقام السامي، ولا شك أنَّ هذا القرارَ سيفتح آفاقاً رحبة في الموضوع، والتدوين عنصر مهم في تسريع القضايا، وسيحد من التفاوت اليسير في بعض الأحكام في الواقعة الواحدة، وهو ما ترصده المحكمة الأعلى في حينه، لكنَّنا نريد علاجه قبل ذلك، وعندما نصف التفاوت بـ:”اليسير”، نقصد به الوصف الكاشف، لا قسيم الكثير (والبعض يضخّم هذا التفاوت ”اليسير” إلى حُدودٍ مبالغ فيها مما يشكك في دقة إيراده)، والتدوين يجعل القاضي أمام ”معلمة قضائية” تضيء له الطريق، وتختصر جهده، وجهد باحثيه، وجهد المحامي، وفي اختصار جهد المحامي فوائد تتركز على الحد من تدفق القضايا للمحاكم، فعندما يعلم المحامي(وهو من يتمتع بأخلاقيات المهنة) أن القضية خاسرة بموجب حكم واضح في المدونة سيُفهم ـ حتماً ـ صاحب القضية بذلك، دون أن يتكبد كل منهم العناء، فضلاً عن عناء المحكمة، ولن يعدم المحامي عائداً في هذا، فله أتعاب الاستشارة، ومن سيجدف عكس هذا ـ بمكابرة واضحة لا حظ لها من النظر ـ لكسب أتعاب المحاماة، سيخسر سمعته أمام القضاء، وسمعته في وسطه المهني، وسمعته بالتدريج لدى الرأي العام، فضلاً عن مَعَرَّة الإثم.

وتعلمون أن نظرية التقنين ـ التدوين ـ ”نظرية لاتينية”، ونظرية السوابق القضائية ”نظرية أنجلو سكسونية”، والسوابق ذات صلة بالمبادئ القضائية، فالسابقةيستخلص منها مبدأ قضائياً، ويمكن الجمع بين النظريتين، ما دام كل منهما لا تتعارض مع الأخرى، ومتى حصل تعارض ناشدت المحكمة العليا ”وهي صاحبة المبدأ القضائي”المشرِّعَ تعديلَ حكم مادة التدوين، بما تراه منسجماً مع قواعد العدالة التي تراها، ولا شك أنه من خلال العلاقة التكاملية بين السلطات الثلاث يتم تلافي أي سلبية.

وفيما يتعلق بالتقرير الصادر عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، قال الوزير: اطلعنا عليه، وكتبنا وجهة نظرنا للجمعية، وصار بيننا وبينها تفاهم حوله، وفيما أحسب أن هذا التفاهم انتهى إلى رأي توافقي من قبل الطرفين، نعم لقد تحفظنا على بعض ما جاء في التقرير، وأجبنا بإجابات نحسب أنها تعالج ما أثير من إيرادات، في الوقت الذي نقدر فيه جهود الجمعية الموقرة، وما تتوخاه من تحقيق المصلحة الحقوقية، أداء لمهماتها الوطنية، ونقدر كذلك وجهة نظرها، ونقدر أسلوب عملها، لكن أملنا من الجميع، سواء الجمعية، أو غيرها، بما في ذلك وسائل الإعلام, استقاء المعلومات من مصادرَ يمكن الاعتماد عليها كـ:”وثيقة ثبوتية”، وألا تكون آحادية الجانب، إذ لا بد من اطلاع الوزارة على هذه المعلومات، فقد ينتهي الأمر بإيضاح الوزارة، قبل أن يصل المتلقي معلومة لها ملابسات أخرى، وبالاطلاع عليها تنكشف حقيقة الصورة، بدل أن يصل الرأي العام معلومات غير دقيقة، لكن ـ مع الأسف ـ كثيراً ما يستقر المنشور الأول في الأذهان، وليس بالضرورة أن من تلقى المعلومة الأولى سيطلع على المعلومة المصححة.

المحاكم التجارية

بالنسبة للمحاكم التجارية، رأى الشيخ العيسى أن الجميع يتشوف لإنشاء هذه المحاكم في حين أنها قائمة عملياً، وقال:”نحن لا نعاني أي فراغ في القضاء التجاري، وأنه منذ ما يزيد على عقدين من الزمن كان هناك قضاء تجاري في المملكة تحت مظلة قضاء شرعي وهو ديوان المظالم.

وأضاف: لقد قضى النظام الجديد بسلخ القضاء التجاري من الديوان إلى وزارة العدل ضمن تشكيل محاكمها باسم ”المحاكم التجارية”, والحقيقة أن هذا لا يعدو أن يكون ترتيباً إجرائياً، لا صلة له ألبتة بإنشاء قضاء تجاري لأول مرة في المملكة ـ كما يتصوره كثيرون ـ وهذا التصور الخاطئ يلزم منه أن هناك فراغاً مهماً في نظامنا القضائي لم يكمل إلا أخيرا، وفي هذا ظلم لقضائنا، وعندما شرحنا هذا لبعض الحقوقيين الذين زاروا المملكة اتضحت لهم الصورة بالكامل، وزال ما علق في أذهانهم بفعل المعلومات غير الدقيقة التي اتضح لنا أنهم تلقوها ـ مع الأسف ـ مما يكتب داخل المملكة، وليست هذه فقط بل غيرها كثير، وكنا نتمنى ألا يتحدث عن الشأن القضائي تحديداً إلا المختصون، فالحديث عنه تكتنفه الحساسية والدقة، ويتطلب مادة وخبرة.

وعوداً على ما سبق نقول: إن القضاء التجاري في المملكة له ما يربو على عقدين من الزمن تحت مظلة قضاء شرعي، وبسلخه إلى محاكم وزارة العدل لم يتغير سوى الجانب الشكلي فحسب، وإذا كان الأمر لا يعدو لوحة على واجهة المبنى بحيث تستبدل مظلة ديوان المظالم بمظلة وزارة العدل فهذا لا يغير كثيراً, وإن كان من جانب إيجابي له فهو توحيد الجهات القضائية وفق ترتيبها الأوفق, حيث إن اختصاصها يتبع القضاء العام، وللحقيقة فقد أبدع ديوان المظالم في إرساء مبادئ القضاء التجاري، وربما لا نبالغ لو قلنا إنه: ”لم يترك زيادة لمستزيد ولا ثغرة لمستدرك”, وسينتقل قضاته وموظفوه إلى وزارة العدل، وهم ـ بمشيئة الله ـ في كامل جاهزيتهم القضائية والتأهيلية، وينضافون إلى زملائهم في السلك من قضاة وزارة العدل، وبالمناسبة فإن ميلادي القضائي كان فيالوزارة، وغالب أقطاب قضاة الوزارة الحاليين كان بالأمس زملائي في القضاء العام قبل انتقالي لديوان المظالم, وإني لأحمد الله تعالى على أن قضاة الوزارة بهذا المستوى المشرف من التأهيل، والتميز، وسعة الأفق، فضلاً عن التزود بالقدر الكافي من المعارف الأخرى ذات الصلة بالعمل القضائي، وقد اطلعت على الكثير من أحكامهم، وكذا كتاباتهم، وبحوثهم، ومداخلاتهم في الداخل والخارج، فوجدت ما فاق التوقعات، وأدهش الجميع، ولا عجب في ذلك، فهذا كله من بركة علم الشريعة”.

وحول إسناد بعض مهام كتابات العدل إلى القطاع الخاص، قال الوزير: إن الوزارة جادة في تخصيص بعض الصلاحيات التوثيقية، وبصدور نظام التوثيق الجديد تستطيع الوزارة العمل على هذا التخصيص.

فيما يتعلق بالعقوبات البديلة، قال هي حتى الآن سلطة تقديرية للقاضي، ونحن نستشرف في هذا الطموح الكبير الذي تحمله المحكمة العليا نحو مسؤوليتها الكبيرة في إرساء المبادئ القضائية، كما نستشرف مدونة الأحكام القضائية، التي لن تخلو ـ فيما نحسب ـ من مواد تتعلق بالعقوبات البديلة، ومنطلق الأحكام البديلة يأتي من أحكام التعزير في الفقه الإسلامي وهو غير محدد، وهو عند الفقهاء: ”التأديب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة”, وبما أن الإسلام حريص على إعادة التأهيل، فما أحسن أن يُشمل التعزير بما يصلح، ويقلل من كثرة نزلاء السجون، ويحول دون أن تقع وصمة السجن والجلد بالمعزَّر، لاسيما متى كانت المعصية للمرة الأولى، فضلاً عن أن السجن يتعدى ضرره إلى ذوي السجين.

وأضاف الوزير: إن عديدا من القضاة يقضون بالأحكام البديلة، وليس هذا خاصاً ببعضهم, كما يتصوره البعض، مشيراً إلى أن هذا المعنى المهم في سياستنا الشرعية مترسخ في وجدان كفاءاتنا القضائية، وتعمل به عند الاقتضاء وفق سلطتها التقديرية، غير أن كثيراً منهم لا يتعاطى إعلامياً لاعتبارات يُقدرها، أو يكلها إلى استطلاعات الباحثين ”الاستقرائية”.

الدكتور محمد بكر تداخل في النقاش، وطرح بعض التساؤلات، كغياب معرفة المواطن بحقوقه وكيفية التعامل مع هذا المرفق، وهل ما يجري من تطوير الإجراءات سيخضع له ديوان المظالم أيضاً. واستفسر عن صيغة توحيد الوكالات.

وفي رده على هذه التساؤلات، يقول الوزير: بالنسبة للجانب التوعوي فإن الوزارة تعكف ضمن مهامها في تطوير المرفق في شقه العلمي على نشر الثقافة الحقوقية، وستكون هناك ـ بمشيئة الله ـ مؤتمرات، وندوات، وملتقيات، وكتب، وكتيبات، ونشرات، وثمن الوزير ما تقوم به بعض الجهات الأهلية والحكومية من الإسهام في نشر الوعي الحقوقي.

وأضاف: ”لا شك أننا نعاني ضعفا في الثقافة الحقوقية، لا نطلب من الشخص العادي أن يكون في مستوى الحقوقي المختص، لكن لا بد أن يكون لديه قدر كاف من الثقافة الحقوقية، وهذا الضعف سبب إشكالات في أروقة المحاكم، وقال: بمناسبة هذا السياق نتمنى أن يُقصر الترافع على المحامي المرخص له”.

وأشار إلى أن ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة، مرتبطة مباشرة بالملك لا علاقة للوزارة بها وليس من حقنا أن نتحدث عن الديوان، ويمكن للدكتور محمد أن يسأل مسؤولي الديوان عما لديه، لكن ليثق أن التطوير القضائي يشمل الجميع، وفي ديوان المظالم مسؤولون حريصون كل الحرص على النهوض بجهاز الديون، وهم ـ بعون الله ـ قادرون على ذلك، وهم زملاؤنا وشركاؤنا في النجاح بإذن الله .

توحيد صيغة الوكالات

وشدد على انضباطية صيغ الوكالات، وقال كل ما كانت الصيغ أدق كانت عبارتها شرعية ونظامية، تتلافى أي سلبية متوقعة، مشيراً إلى أن البعض يطلب إضافة أشياء لا يمكن أن يوافق عليها لمخالفتها للشرع أو النظام، أو أن سياقها غير فصيح، أو أنها تتضمن جملاً غير لائقة كمن يقول: وكلت فلاناً في المخاصمة والمدافعة عن كل ظالم يريد أخذ حقي, وصكوك الوكلات صكوك شرعية لا بد أن تراعي سلامة العبارة شرعاً ونظاماً ولغة فضلاً عن الأدب واللياقة في الأسلوب, وقال هناك نماذج في البرنامج للعديد من أنواع الوكالات محكمة العبارة، كثيراً ما يُكتفى بها.

ويرى الدكتور عبد الرحمن الحميد في مداخلته أن هناك تشتتاً في الأنظمة في القطاع الاقتصادي والتجاري، سواء من كان تجارا أو من يتعامل مع تجار، حيثإنهم يعانون معاناة شديدة في إيصال القضايا للجهة المختصة، وأن هناك قضايا معلقة لسنوات، داعياً إلى إعادة النظر في المحور الاقتصادي.

وشدد الوزير خلال إجابته على مداخلة الدكتور الحميد وقال: ليس هناك فراغ إجرائي ولا موضوعي، والاختصاصات واضحة، والمبادئ القضائية راسخة ـ ومدونة بجهود فردية ـ خاصَّة القضايا التِّجاريَّة التي يعتزم ديوان المظالم ـ حسب علمي ـ على إخراجها في عدة مجلدات ستكون مرجعاً علمياً وثروة قضائية يفاخر بها، وسنستفيد ـ إن شاء الله ـ في القضاء العام من هذه الثروة عند تفعيل سلخ القضاء التجاري من الديوان للوزارة، لتضاف إلى منجزات وإبداعات قضاة وزارة العدل التي طبع بعضها، ونوه بها الجميع.

وأضاف: قد يحصل أحياناً تنازع في الاختصاص سلبي أو إيجابي، فيطول معه أمد القضية، وهذا يكثر في السابق، أما الآن فإن الأمور في منتهى الوضوح، أما تأخر بعض القضايا لسنوات، فهذا مرده دون شك عائد إلى حجم القضية, وتشعبها، وكثرة طلباتها العارضة، وذهابها إلى بيوت خبرة، واعتراض الخصوم على قراراتها، وإعادتها للخبرة ثانية بقناعة المحكمة، وأضاف: طول أمد بعض القضايا مع أنه عندنا في نطاق محدود، إلا أنه في كثير من الدول المتقدمة يصل إلى سنين طويلة، بل ونسمع في بعض القضايا أن بين الجلسة والأخرى ما يقارب نصف السنة.

المحامي إضافة للقضاء

وصف الوزير المحامين ”بالشركاء في تحقيق العدالة”مضيفاً أن: ”المحاماة مهنة شريفة، وظيفتها حماية الحقوق، ووسيلتها الكلمة الصادقة، وسندها الشريعة والنظام”، وقال: ”إن المحامي المتميز يعتبر إضافة للقضاء، ولا غرو فهم القضاء الواقف”وحمد الوزير الله تعالى على القفزات النوعية في مهنة المحاماة، والسمعة الطيبة التي تحظى بها، مشيراً إلى أن هذا جاء في وقت قياسي، وقال: أذكر عندما كنت قاضياً، كنت وبعض الزملاء، نسارع إلى تصوير بعض مذكرات المحامين لما فيها من المادة الحقوقية المتميزة.

الدكتور محمد الحلوة عضو مجلس الشورى، طرح سؤالين، الأول عن موقع خريجي كليات الأنظمة والحقوق في المملكة في خريطة الطريق، والآخر عن جانب قطاع الخدمات المساندة للقاضي، وما رؤية الوزير في تطوير البعد المؤسسي، وتحويل المحور من الاهتمام على الشخص إلى المؤسسة.

رد وزير العدل على الحلوة بالقول إنه بالنسبة لمُخْرَجَات كلية الأنظمة أو طلبة القانون، فإن الوزارة تنوي الاستعانة بهم في المكاتب القضائية كمستشارين نظاميين، لقد قضت المادة الأولى من نظام القضاء على أن ”القضاة مستقلون لا سلطان عليهم ـ في قضائهم ـ لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية”, إذن الأنظمة لها اعتبار، والدراسات النظامية لها أهلها ومختصوها، لاسيما عندما يتطلب الأمر تحليلاً نظامياً لمحل النزاع، وكثير من القضايا تحكمها مواد نظامية، إننا لا يمكن أن نقلل من أهمية خريجي الأنظمة، سيعتبرون إضافة، وأدواتٍ مساندة للقضاء، لكن في النهاية لا تصدر الأحكام إلا وفق الشريعة الإسلامية والأنظمة التي لا تتعارض معها، ويصدرها قاضٍ انطبقت عليه شروط التعيين على الوظيفة القضائية

.وتابع: بالنسبة للبعد المؤسسي لا شك أن الأعمال الناجحة هي الأعمال المؤسسية، يجب ألا نركز على الفرد، وقد فاتنا الكثير بسبب مفاهيم هذه السلبية، وأؤكد بأن العمل المؤسسي عمل مهم في مسيرتنا العدلية، والعمل الفردي لا يخلو في كثير من الأحيان من الفوات، فالناجحون هم من يقول: ”عملنا ”، ويقابلهم من يقول ”عملت ”، نعم لا بد أن يكون العمل صادراً عن عمل مؤسسي، وإن أخذ في شكله النهائي صيغة فردية، كما في الأحكام, فالقاضي يجب أن تؤمن له الأدوات المساندة كالطبيب الذي يُخدم في العديد من الإجراءات التحضيرية ليقوم في النهائية بما لا يتأتى لغيره، ويتوج العمل في الأخير له بمساندة فريقه الطبي.

وتحدث الدكتور سليمان العريني في مداخلته عن تنسيق وزارة العدل مع مركز المعلومات الوطني، وأهمية ذلك في التوثيق، لما لديه من معلومات دقيقة عن كل مواطن ومقيم.

ورأى العريني أن اختيار القضاة وتأهيلهم مطلب مهم لدى الوزارة، وأن يتم اختيارهم بشكل دقيق. واستفسر عن حقوق المواطن.

وقال الوزير رداً على العريني، بالنسبة لمركز المعلومات الوطني نحن نطمح إلى أن يكون هناك ربط بيننا وبين عديد من الجهات ذات العلاقة بحاجة عملنا، ولن ندخر وسعاً في التواصل في هذا الجانب.

اختيار القضاة

ما يتعلق باختيار القضاة فإن المجلس الأعلى للقضاء يقوم بهذه المهمة، والوزارة عضو في تشكيله، ولا تزال تتلقى بعض الترشيحات لشغل الوظيفة القضائية جرياً على العمل السابق باعتبارها المظلة العدلية، وتقدمها للمجلس فهو صاحب الاختصاص، طموحنا أن يكون هناك اختيار من البداية، في بعض الدول العربية برنامج اسمه ”قضاة المستقبل” يُختار من بعد الثانوي، ويتم تعاهد المرشح في كلية الحقوق، وبعد ذلك يدخل في المعهد القضائي، فالمعاهد القضائية تتبع وزارة العدل في الدول التي لديها معاهد قضائية، ما لم تكن ذات صبغة أكاديمية بحتة كالمعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فهذا لها وضع آخر، وإن حصل توافق في التسمية.

وبالنسبة للحقوق نحن ننشر الثقافة الحقوقية، لكن لا نزحف على اختصاصات هيئة حقوق الإنسان، ولا الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.

ويشير الدكتور بشير العريض في مداخلته إلى شكوى سكان المناطق البعيدة عن العاصمة من قلة القضاة.

رد الوزير وقال: لن أتحدث عن هذا بصفة رسمية، لكن سأتحدث عنه بمرئيات خاصة، كما يقول ابن حجر: ”وهذا إنما أسوقه بحثاً”، أنا ـ شخصياً ـ لا أميل إلى إنشاء محاكم في المراكز، خاصة المراكز الصغيرة، في السابق يعين القضاة في هذه المراكز، لأن القاضي يقوم بالعديد من الوظائف الدينية، بل يعتبر المرجع الشرعي للقرية، الآن اختلف الوضع إلى حد كبير، فالموضوع حالياً لا يتعلق بحاجة هذه المراكز للقضاة بقدر ما يتعلق بتباهي هذه المراكز بوجود محكمة فيها، وهذا على حساب تكاليف باهظة، وهدر وظيفي، وهذه المراكز لا يبعد الكثير منها في عشرة كيلوات عن أقرب محكمة، مع توافر وسائل السفر في الوقت الحاضر، وفي سنين خلت لم يكن فيها محاكم، مع تعذر وسائل السفر الحديثة، وباستطلاعات دولية لا نجد أن مثل هذه المراكز ينشأ فيها محاكم.

ويرى خلف الشمري عضو مجلس إدارة غرفة الرياض أن بعض المحامين يستغل بعض الظروف في عملية المماطلة والتسويف وفي عملية إطالة الأمور..، وأن القاضي ليس لديه السلطة في عملية تحديد وقت محدد للاتفاق على التحكيم.

يتداخل الوزير ويذكر أن هناك شرطاً ومشارطة للتحكيم، فالأول سابق للخصومة، والثاني بعد نشوئها، ومتى كان شيء من ذلك ودفع به أحد الخصوم قبل نظر القضية فإن القضاء يمتنع عن نظرها، وتمنى الوزير أن تُشمل العقود التجارية والمدنية بشرط التحكيم، وقال: إن في هذا تخفيفاً من العبء على المحاكم، وتوظيفاً للطاقات العلمية المتخصصة، للإفادة منها في تسوية المُنازعَات، وإفادتها من عائداتها التحكيمية، مشيراً إلى أن بعض الدول تعتبر العائدات التحكيمية مصدراً مهماً من مصادر الثروة القومية.

علي الشدي وجَّه أسئلته للوزير، فقال: هل ستشمل قضاة المحاكم المتخصصة كل المحاكم؟ وماذا عن اختيار القاضي من وقت مبكر؟ ومطالباً بزيادة بند التدريب في الوزارة، واستفسر عن المعايير الجديدة التي يمكن أن يختار بها كاتب العدل، وأخيراً عن عقوبة الجلد، وأن هناك عقوبة لا تستحق الجلد.

أجاب الدكتور العيسى عن تساؤلات الشدي وقال إن الفصل الأول من نظام القضاء أوضح ترتيب المحاكم على النحو التالي:

ـ المحكمة العليا.

ـ محاكم الاستئناف.

ـ محاكم الدرجة الأولى وهي:

أ ـ المحاكم العامة.

ب ـ المحاكم الجزائية.

جـ ـ محاكم الأحوال الشخصية.

دـ المحاكم التجارية.

هـ ـ المحاكم العمالية.

وسيكون ضمن هذه المحاكم المتخصصة دوائر، وإنشاء هذه المحاكم وتشكيلها في المدن والمحافظات من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء.

أما الاختيار المبكر للقاضي فهو مهم، وسبق حديثنا عن بعضه في سؤال سابق.

القضاةُ والتَّدريبُ

أما ما يتعلق بالتدريب، فإن الوزارة معنية بتنفيذ التدريب القضائي، وستعمل على بذل كل ما في وسعها حياله، مشيراً إلى أن هناك اتفاقيات تعاون قضائي بين وزارة العدل والعديد من وزارات العدل في بعض الدول، تتضمن هذه الاتفاقيات التي وقعت عليها الوزارة أحكاماً تتعلق بالتدريب القضائي، وتبادل الخبرات، وتبادل الزيارات، موضحاً أن الأمر يحتاج إلى وقت حتى تصل عملية التدريب إلى مبتغاها.

أما ما يتعلق بالمعايير التي يتم بموجبها اختيار كاتب العدل، فقد أوضح الوزير أن ما يشترط في تعيين القاضي يشترط في تعيين كاتب العدل حسب المادة السادسة والسبعين من نظام القضاء، وقال:”هناك لجنة في الوزارة مختصة بهذا الأمر ومعاييرها ـ في الاختيار ـ عالية الدقة”.

واعتبر الوزير أن اختيار 50 كاتب عدل من بين ما يربو على ألف متقدم على 150 وظيفة يعني وجود فحص عالي الدقة.

عقوبة الجلد

وفي حديث الوزير عن عقوبة الجلد، قال: إن عقوبة الجلد إما حدية وهذه لا كلام عليها، وعقوبة تعزيرية، وهذه ترجع لسلطة القاضي التقديرية، مراعياً في ذلك السوابق القضائية وما استقر عليه العمل، وقد يحكم القاضي بها وقد لا يحكم، مشيراً إلى أن بعض أنظمتنا الحديثة تضمنت موادها أحكاماً تتعلق بالجلد كنظام:”مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية”.

ازدواجية كتابات العدل

وفي ختام اللقاء تحدث الدكتور محمد العيسى عن ازدواجية الإجراءات في كتابات العدل، وعن المؤشر العقاري وقال:”البعض يشتكي من ازدواجية الإجراءات في كتابات العدل، وقد تم ـ بحمد الله ـ القضاء على الغالب الأعم منها بعد الملتقى الأول لرؤساء كتاب العدل، وتم التعميم باعتماد بعض توصياته ـ في هذا الشأن ـ فيما تملك الوزارة إصدار قراره.

وعن المؤشر العقاري، ذكر الوزير أن هناك حركة جيدة في العقار، لكن حسب المعلومات الإحصائية، فليس هناك زيادة في أسعاره في الربع الأول من هذا العام، والمؤشرات الأولية تشير إلى أن الربع الثاني مقارب للربع الأول في استقرار الأسعار، مع وجود حركة بيع وشراء نشطة.

المصدر: جريدة الاقتصادية السبت 9 جماد الآخر 1431 هـ الموافق 22 مايو 2010 م