اختصاصيون يطالبون بتأسيس «هيئة عليا للأسرة»… واعتماد مقرّر «تعليم الطفل»
طالب عدد من الخبراء السعوديين في القانون والتربية والأسرة بإنشاء هيئة عليا للأسرة تقضي بتوفير الحماية لها، مشدّدين على ضرورة سنّ تشريعات تحمي وتنظم أحوال الأسرة السعودية، مع إبراز أنظمتها وحقوقها المختلفة، منوّهين إلى أن الطفل بحاجة إلى مزيد من الاهتمام على مستوى الأنظمة والقوانين، داعين وزارة التربية والتعليم إلى إقرار مادة «تعليم الطفل» ضمن مراحل التعليم العام.
وأوضح الاختصاصيون خلال ندوة بعنوان «الأسرة في المجتمع السعودي» نظّمتها مؤسسة الملك خالد الخيرية بالتعاون مع حملة «دمعة بريئة نحن نحميها» في الرياض أمس، أن وعي أفراد المجتمع بحقوقهم يسهم في تطوّرهم وتقدّمهم، لافتين إلى أن تنمية الطفولة وحمايتها لا تعني مجرّد إصدار قوانين وتشريعات.
وقال المستشار القانوني أحمد المحيميد خلال ورقته: «من الضروري العمل على تقنين نظام للأحوال الشخصية في السعودية، وإصدار مدوّنة لأحكام الأسرة، مع تقنين نظام عام وشامل للحماية يشمل الإيذاء والتحرش والاستغلال والتقصير والإهمال وجميع الحقوق، إلى جانب وضع استراتيجية وطنية للحماية الأسرية، وإنشاء هيئة عليا للأسرة تقضي بتوفير الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، وإبراز الأنظمة والحقوق والحماية وتفعيلها، مع توفير فرص للعمل والتدريب والتعليم العالي، والقضاء على البطالة والفقر والجهل، ومنح الإعانات والمساعدات عبر توفير التأمين الاجتماعي الشامل، والإسهام في رفع الوعي الثقافي والتعليمي والصحي، ونشر ثقافة الحقوق وتطويرها وتعديلها لتتناسب مع الحقائق الاجتماعية الحالية، في مقابل إلزام جميع المؤسسات العامة والخاصة بتنفيذ هذه الاستراتيجية لتحقيق المصلحة العامة». وأشار إلى الأنظمة واللوائح التنظيمية والقرارات الوزارية، ومن بينها ما أصدره المجلس الأعلى للقضاء من قرار يقضي بإلزام المحكمة التي تنظر في قضية الحضانة بأن يتضمن حكمها «أنه يحق للمحكوم له بالحضانة مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس، وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الإدارات والجهات الحكومية والأهلية، ما عدا السفر بالمحضون خارج المملكة، فلا يكون إلا بإذن من القاضي»، وأن يعامل طلب الإذن بالسفر بالمحضون خارج المملكة معاملة المسائل المستعجلة وفقاً للمادتين 205 – 206 من نظام المرافعات الشرعية، كما استشهد بـ«وثيقة مسقط للقانون الموحد للأحوال الشخصية» التي أقرّها وزراء العدل في دول مجلس التعاون الخليجي كوثيقة استرشادية، وهي مكونة من 282 مادة، تضمنت أحكاماً متعلقة بالأسرة، معتبراً أن مثل هذه التنظيمات الاسترشادية تسهم في ضمان حقوق الأسرة السعودية، واصفاً «نظام الحماية من الإيذاء» بالنقلة النوعية في القوانين والتشريعات المتعلقة بحماية المرأة والطفل والفئات الضعيفة داخل الأسرة السعودية، لكونه يهدف إلى الحد من انتشار مظاهر العنف الأسري والإيذاء النفسي والجسدي في المجتمع السعودي.
بدورها، أوضحت اختصاصية الإرشاد الأسري وكيلة الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة المجمعة الدكتورة نورة الصويان، أن تنمية الطفولة وحمايتها لا تعني فقط إصدار قوانين وتشريعات، منوّهة إلى ضرورة اعتبارها سياسة تنموية يجب أن تتكامل مع السياسة التنموية للمجتمع بضرورة اعتماد استراتيجية وطنية شاملة لتطوير وتنمية الطفولة، مع التركيز على مرحلة الطفولة المبكرة باعتبارها ركناً أساسياً من أركان تنمية الأطفال وحمايتهم.
وأضافت: «يجب أن تشتمل الاستراتيجية الوطنية على آليات وبرامج وقاية وتعلم للأبناء، إضافة إلى برامج مساندة لمساعدة الوالدين في تنشئة الأبناء وتزويدهم بالمعارف والمهارات، والتدريب على المهارات الحياتية للتعامل مع الضغوط اليومية، كما أن علينا الاهتمام بجمع الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على المعاملة الحسنى للأبناء، وحث القائمين على التوعية الدينية على طرق هذه المواضيع والتركيز عليها، وكذلك الاهتمام بتنفيذ حملات إعلامية توعوية بهدف زيادة المعرفة العامة والوعي بالطفولة وخصائصها وحاجاتها، إلى جانب إدراج مادة تربية الطفل في المقررات الدراسية في مراحل التعليم الأساسي واعتبارها مادة أساسية، مع التوعية بأهمية قيام الأسرة على أسس سليمة، مما يضمن استمرارها وفعاليتها وقدرتها على تربية جيل سليم نفسياً وصحياً وعقلياً، وكذلك توعية وتأهيل وتدريب العاملين في المجال الأسري أو في مجالات أخرى كالإرشاد النفسي، والاجتماعي، والمدرسي، وتزويدهم بالمهارات والمعارف اللازمة للتعامل مع الأبناء».
ترتبط بالعملية التعليمية
شدّدت عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الاجتماعية في جامعة الملك سعود الدكتورة الجازي الشبيكي على ضرورة التخطيط السليم للتعامل التربوي مع الأبناء، مبيّنة أن العملية التربوية جزء من عمليات المجتمع التي يجب النظر إليها نظرة شمولية.
وقالت الشبيكي خلال ورقتها: «يعدّ استثمار جهود القوى المشاركة في العملية التعليمية مصدر أهمية، مثل وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، مع بذل الجهود المطلوبة لإجراء مزيد من الدراسات والأبحاث التطبيقية من واقع المجتمع عن قضايا ومشكلات تربية الأبناء في المجتمع من خلال الأساليب والطرق العلمية الحديثة والنظريات والعلوم المتجددة في هذا الجانب، كذلك يجب ألا نتجاهل دور تنظيم الملتقيات والمؤتمرات والندوات لتسليط مزيد من الضوء على المشكلات الاجتماعية الملحّة، مثل قضايا العنف الأسري وتربية الأبناء والتعامل معهم في ظل المستجدات والتطورات الحديثة التي لحقت ببناء وظائف الأسر، واهتمامات وأولويات الأبناء في العصر الحاضر، وتبادل الخبرات مع المجتمعات الأخرى». إلى ذلك، عُرض خلال الندوة فيلم قصير أخرجته الزميلة المخرجة هيا السويد، يتناول أهمية حماية الأطفال من العنف الأسري، وتضمّن الفيلم نماذج من أساليب إيذاء الأطفال، مع حديث لمسؤولة حملة «دمعة بريئة نحن نحميها» منيرة الراشد، إلى جانب استعراض مجموعة من الإحصاءات ذات العلاقة.
وكانت دراسة بحثية أجرتها الدكتورة منيرة آل سعود بعنوان «إيذاء الأطفال أنواعه وأسبابه وخصائص المتعرضين»، توصّلت إلى أن الإيذاء الجسدي من بين عيّنة الدراسة بلغ 91.5 في المئة، فيما بلغ الإهمال 87.3 في المئة، أما الإيذاء النفسي فبلغ 53.5 في المئة، وبلغ معدل الإيذاء الجنسي نحو 46.5 في المئة. كما خلصت دراسة للدكتور محمد الصغير بعنوان «العنف الأسري في المجتمع السعودي أسبابه وآثاره الاجتماعية»، إلى أن نسبة الإيذاء اللفظي لدى المبحوثين بلغت 83 في المئة.