عبدالله بن بخيت - جريدة الرياض

عدد القراءات: 1156

كتبت عن نظام الكفيل أكثر من مرة. أكرر نفس القول ونفس الفكرة. ميزة المسؤولين عن الخدمات العامة في المملكة لا يشبهون إخواننا المعارضين لسياقة المرأة للسيارة. لا يتخفون تحت سلطة القارئ ويرددون. مللنا من كتاباتكم عن المرأة. لماذا لا تكتبون عن الإسكان عن البطالة الأخ. اكثر ما يعجبني في مرافعاتهم تساؤلهم (وهل إذا اختلطت المرأة بالرجل سنصنع صواريخ) يا حبهم للصواريخ. المسؤولون عن الخدمات يختلفون لا يحاولون صرف الكتاب إلى جهة أخرى. يتحلون بالصبر. الصمت سلاحهم الأقوى بل أقوى من الصواريخ.

يقول المثل: من أدام قرع الباب ولج. هذا ردي على إخواننا معارضي المرأة وعلى اخواننا المسؤولين أيضا.

كتب عدد كبير من الكتاب عن نظام الكفيل وتحدث عنه أصحاب الرأي والمثقفين. ذكرني به مجموعة توصيات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان نشرت في هذه الجريدة قبل يومين. من بين التوصيات الدعوة إلى إلغاء نظام الكفيل وقصر العلاقة بين العامل وصاحب العمل على علاقة تعاقدية. ويكن الإضافة: لا سلطة لأحد على أحد. هذا هو الواقع والطبيعي. أي رب عمل غير مسؤول عن تصرفات مكفوله أو هروبه ومشاكله خارج اطار العمل محل التعاقد. الكفيل ليس ولي أمر العامل ولا رقيب عليه. نظام الكفيل الحالي ولد في زمن كان معظم أصحاب الاعمال السعوديين حديثي التجربة. كان المكفول يعمل مثل الجوكر. عاملًا ومدرباً وفي كثير من الأحيان مديراً. فكان لابد من توفر نوع من الحماية لصاحب المحل السعودي. مضى على هذا النظام حوالي أربعين سنة. جاءت أجيال جديدة. تخلقت طبقة من رجال الأعمال السعوديين الذين يملكون الخبرة والمعرفة والقدرات الإدارية. علاقتهم بالعمالة سعودية أو غير سعودية علاقة رئيس بمرؤوس. ليسوا في حاجة لنظام الكفيل الحالي. اصبح نظام الكفيل الحالي خارج الزمن, تحول إلى عامل سلبي على الاقتصاد الوطني. أكثر المستفيدين من هذا النظام هم السعوديون العاطلون عن العمل والعاجزون عنه. استولوا بهذه الطريقة على الاعمال الصغيرة كالورش وبقالات الأحياء ومحلات قطع الغيار الصغيرة والمطاعم وغيرها وسلموها للعمالة الأجنبية ملكية خفية. يفتح بقالة ويسلمها للعامل. لا يعرف عنه وعن البقالة إلا آخر الشهر عند استلام الغلة. نظام الكفيل يعطي هذا العاطل سلطة امنية على العامل مثل الاحتفاظ بالجواز أو عدم السفر إلا بإذنه وغير ذلك. هذا النظام جعل العاطل يأمن جانب العامل. فاقتسما الغنيمة. العامل يمتلك نشاط تجاريا مربحا والعاطل يحصل على راتب شهري دون أدنى جهد. بفضل نظام الكفيل الحالي لا يستطيع العامل الهرب أو التحرك إلا بإذن الكفيل. تم توظيف أجهزة الأمن لتكريس عطالة هذا العاطل.

هذا النظام سبَّب مشكلة أكبر. لا يستطيع الشاب السعودي أن ينافس العامل الأجنبي خصوصا الآسيويين. العامل الآسيوي لأسباب اجتماعية يستطيع أن يعمل أربع عشرة ساعة باليوم. ينام ويصحو في المحل. ساعات عمل لا يمكن أن يعملها سعودي. أدى هذا كما نلاحظ إلى ابتعاد الشباب السعودي عن دخول سوق الاعمال الصغيرة. لا يستطيع أن يفتح بقالة او ورشة إلا بالالتزام بنظام العاطلين. مع الزمن تكون أيضا نوع من المافيات حول هذه الأنشطة الصغيرة. سمعت أن بعض السعوديين حاول فتح بقالة في مناطق معينة فواجه حرب تكتلات. غصب يخرج من السوق خاسرا او يبيع محله لهم. يعود الفضل في هذا كله إلى نظام الكفيل الذي عفا عليه الزمن. مئات الألوف من الأعمال الصغيرة المربحة نزعها نظام الكفيل من السعوديين و قدمها للعمال الأجانب والكسالى من السعوديين ورفع نسبة البطالة بين الجادين من الشباب السعودي. هذا كله فضلا عن أن هذا النظام يسيء لسمعة المملكة ولحقوق الإنسان.

ارجو أن تكون الحملات التصحيحية تطال أيضا الأنظمة التي ساهمت في تكدس العمالة وتفشي البطالة بين المواطنين.

المصدر : جريدة الرياض - 17 جماد الآخر 1434هـ الموافق 27 أبريل 2013هـ