“لا تلمسني”!
حليمة مظفر - جريدة الوطن
في ظل عدم وجود قانون رادع وصارم ضد المتحرشين ممن ماتت ضمائرهم؛ يحمي الأطفال، ويجعل المتحرشين يخشون ألف مرة قبل أن يرتكبوا جرائمهم، فإن قول “لا تلمسني” هو ما يجب أن يتعلمه ويستوعبه ويفهمه كل الأطفال ذكورا وإناثا، ضد من يحاول استغلال مناطق حساسة في الأجساد البريئة، ومع الأسف يهمل كثير من الآباء والأمهات توعية أطفالهم بأهمية ألا يقبلوا أي لمسة مريبة في مناطق خاصة بهم، وربما يكون تركيز معظم الآباء على أطفالهم الإناث بتوعيتهن أكثر من الذكور لأسباب تعرفونها، متجاهلين أن المتحرشين بالأطفال لا يفرقون بين إناث وذكور وهم يقومون بجرائمهم البشعة، ولا يحصل ذلك إلا نتيجة قلة وعي هؤلاء ممن رموا حمل تربية أطفالهم على الخدم، وهؤلاء الخدم قد يكونون هم أنفسهم من المتحرشين بالأطفال مع غياب الرقابة الأبوية عنهم، ليس ذلك فقط، بل قد يكون المتحرشين من المقربين للأسرة، وهناك نسبة من حالات التحرش تحصل من أقرباء الأبوين أو أصدقائهما وأحيانا الآباء أنفسهم، ولذلك فإن دور توعية الأطفال ضد التحرش بهم واتخاذ الأسلوب المناسب في ردع المتحرش، لا يتوقف فقط على الآباء والأمهات، بل يجب أن تتحملها المدارس ومنذ الصف الأول الابتدائي بل مرحلة التمهيدي؛ لأن أكثر الضحايا يكونون في مراحل صغيرة لا تستطيع التمييز.
وبصدق حملة “لا تلمسني” التي أطلقها مجموعة من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت في وقتها في ظل قصور وسائل الإعلام في التوعية، تأتي أهمية هذه الحملة المباركة والموفقة، وحتما كتاب السيدة هند خليفة “لا تلمسني” ككتاب توعوي للأطفال ضد التحرش بهم مجهود تُشكر عليه كثيرا، ومن الأهمية في مساعدة الآباء والأمهات ممن يفتقدون مهارة قدرة توعية أطفالهم أو يخشون أسئلتهم المحرجة، وما يهم فعلا هو أن يستوعب الأطفال كيف يميزون هؤلاء المتحرشين؟، وكيف يتصرفون معهم قبل وقوع الجرائم على أجسادهم البريئة؟؛ لأن التحرش بهم أمر مؤلم جدا نفسيا، ويتسبب لهم بآثار قد تصاحبهم طوال حياتهم، وقد تؤدي لإعاقة علاقاتهم الاجتماعية مستقبلا، كما أن التحرش بالأطفال لا يتوقف فقط عند حدود لمس مناطق حساسة في أجسادهم، فبعض المتحرشين يتلفظون بعبارات أو يحكون قصصا للأطفال خادشة للحياء وهذا من أنواع التحرش بهم، وكذلك هناك من يجعلهم يشاهدون مقاطع بذيئة ومثيرة وهذه من تصرفات المتحرشين بهم، وهو ما يجب أن يستوعبه الأطفال منعا من استغلال براءتهم، ومساعدتهم على فهم الأسلوب السليم الذي يتبعونه ويحميهم من هؤلاء دون أن يتسبب لهم في خطر.
ولهذا نحن نحتاج لحملة “لا تلمسني” ولاستمرارها، وأتمنى من وزارة التربية والتعليم تبنيها فعلا، فمع الأسف ضعاف النفوس من المتحرشين لا يردعهم حتى الآن قانون صارم، ونحن نعرف أن القوانين بالدرجة الأولى يصب تأثيرها في رفع مستوى الوعي قبل إخافة ومنع المجرمين من عمل جرائمهم في حق الأبرياء.
المصدر : جريدة الوطن - الثلاثاء 24 جمادى الأول 1435 هـ. الموافق25 مارس 2014