إينبيل جونزاليس - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1061

تحقيق المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة ضرورة أخلاقية واجتماعية على حد سواء ــــ وهو أيضا استثمار مربح. وتقدر دراسة أجراها معهد مكينزي العالمي أنه في حال قيام جميع البلدان بمضاهاة مستوى التقدم الذي حققته البلدان الأكثر تقدما في مجال المساواة بين الجنسين في مناطقها، فإن إجمالي الناتج المحلي العالمي السنوي يمكن أن يرتفع بما يصل إلى 12 تريليون دولار أمريكي في عام 2025. لقد شهدت الـ 20 عاما الأخيرة تقدما كبيرا في رفع مستويات المعيشة وسد الفجوة القائمة بين الرجال والنساء، خاصة في الصحة والتعليم، حيث ارتفع معدل العمر المتوقع عند الميلاد جنبا إلى جنب مع تراجع معدل الوفيات النفاسية، كما أخذت الفروق في معدلات الالتحاق بالتعليم الابتدائي بين الأولاد والبنات في التلاشي باطراد. بيد أن هذه المكاسب ـــ وإن كانت كبيرة ـــ تحجب وراءها فروقا بين البلدان والمناطق، وهي غير كافية لضمان إتاحة فرص اقتصادية متساوية للذكور والإناث. إذ إن في بلدان عديدة، يتخرج عدد أقل من الفتيات من المدارس الثانوية مقارنة بالفتيان، كما أن المرأة أقل تمثيلا في التعليم الجامعي في كليات الهندسة والعلوم والتعليم الصناعي. يسهم ذلك في الفروق التي تتبدى لاحقا بين الجنسين في مجالات التوظيف والإنتاجية والدخل.

وعلى الرغم من أن عددا متزايدا من النساء يشاركن في الأنشطة الاقتصادية، إضافة إلى العمل دون أجر في بيوتهن، إلا أن المرأة تعاني استمرار عدم المساواة في أماكن العمل، ويتجلى ذلك في أشكال متعددة. فعلى الصعيد العالمي، انخفضت مشاركة المرأة في الأيدي العاملة من 57 في المائة في عام 1990 إلى 55 في المائة في عام 2013. كما أن هناك فروقا هائلة بين الرجال والنساء من حيث نوع العمل ومستوى الدخل الذي يحصلون عليه، فضلا عن القدرة على الحصول على التمويل والتكنولوجيا.

وفي كوستاريكا، مازالت مشاركة المرأة في سوق العمل تتسم بالانخفاض ـــ حتى بالنسبة لمنطقة أمريكا اللاتينية ـــ حيث تحوم حول 50 في المائة. علاوة على ذلك، كانت مستويات البطالة على الدوام أعلى من المتوسط السائد. وتقل نسبة النساء في سن العمل اللائي يحققن دخلا عن 40 في المائة، وتواجه النساء الفقيرات اللائي يَعُلن أسرهن ظروفا أكثر صعوبة.

ومن العوامل المهمة في توضيح الفروق في القدرة على الحصول على الفرص الاقتصادية نسبة الوقت التي يكرسها الرجال والنساء للعمل بأجر أو دون أجر في منزل الأسرة وأوقات الفراغ.

وثمة عوامل أخرى تعوق مشاركة المرأة في الأيدي العاملة منها: الفجوة في المهارات، والفروق المهنية، ونقص خدمات الرعاية للأطفال والمسنين، والقيود المفروضة على التنقل والانتقال، والقيود القانونية والاجتماعية.

علاوة على ذلك، ونظرا لأن الانضمام إلى الأيدي العاملة يتزامن في مجتمعات كثيرة مع القرارات المتعلقة بالزواج والحمل، تجد المرأة نفسها مضطرة في أحوال كثيرة إلى سلوك مسار منخفض الإنتاجية يحول دون إعادة توجيهها في مراحل لاحقة من حياتها إلى أنشطة أكثر إنتاجية.

ووفقا لوتيرة التقدم الحالي، يقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن الأمر سيستغرق 118 عاما كي يتمكن العالم من سد الفجوة بين الجنسين، ويبرز ذلك ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة. ولا بد أن تركز هذه الإجراءات على تحسين الموارد البشرية المتوافرة، خاصة من حيث الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. وينبغي أن تتضمن أيضا إزالة القيود التي تحول دون حصول النساء على مزيد من فرص العمل الأفضل، وتذليل العقبات القائمة أمام المرأة في التملك وحيازة الأصول، كالأراضي والعقارات والتكنولوجيا. وأخيرا، من الضروري تدعيم مشاركة المرأة في النقاش العام وعملية اتخاذ القرارات، جنبا إلى جنب مع تقديم المساندة للحد من العنف القائم على نوع الجنس.

إن تنفيذ هذه الأجندة سيتطلب جهودا مشتركة بين الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، ولن يكون الأمر سهلا، لكن يمكن تحقيقه. وستكون المكافأة على ذلك قيمة، وهي: إيجاد مجتمعات أكثر توازنا وازدهارا يتمتع فيها الرجال والنساء بحياة أفضل.

المصدر : جريدة الاقتصادية - 23-3-2016