سكينة المشيخص - جريدة اليوم

عدد القراءات: 778

التوظيف في جميع قطاعات ومؤسسات الدولة حق طبيعي يخضع لتقنيات إدارية وهيكلية تستوعب الباحثين عن عمل في مسارات سلسة وبسيطة كما يحدث في إعلانات الوظائف الأمريكية التي تحدد ضمن ما تحدده متانة أو تراجع أنشطة الاقتصاد الكلّي، وحين يوجد خلل في مسارات التوظيف فذلك يعني ضعف المنظومة الاستيعابية، من ناحية، أو ربما عدم وجود خطط أو إحصاءات وظيفية، للباقين في قوائم الانتظار والقادمين الجدد عبر منافذ التعليم العام والعالي والمعاهد التقنية والفنية.
أسوأ أشكال البطالة تلك التي تضرب خريجي المسارات العلمية والتطبيقية، وإن كان السوء واحدا بالنسبة للجميع في عدم الحصول على وظائف يرتزقون منها، ولكن الوظائف التي تتطلب مهارات وقدرات خاصة وتستغرق جهدا أكبر في تطبيقاتها العلمية والعملية من الصعب التفريط بإيداعها مسارات البحث عن عمل، لأن ذلك مؤشر علي عدم استعداد الأجهزة لاستيعاب مثل هذه الشرائح التي تدخل نطاق الندرة وهي في الأصل متفوقة علميا وأكاديميا، ومن عدم الإنصاف إبقاؤها في الرصيف تنتظر وظيفة أو تلاحقها بأدنى حدود العائد المحبط الذي لا يكافئ الجهد والقدرة.
هناك أطباء يبحثون عن عقود تمنحها لهم وزارة الصحة، وذلك معناه محصلة وحيدة وهي أن الوزارة ليست لديها خطط استيعابية أو إحصاءات للكفاءات الطبية سواء الخريجة أو الموجودة في قوائم البطالة، وهنا نحصد الفجوة العلمية التي تتحول الى حفرة تنموية تكبر كلما تم الغرف منها، وأجد من المعيب أن يتعطّل أطباء أو يبحثون عن عقود لا يجدونها للعمل لأن في ذلك تضحية كبيرة بعقول يفترض أن تصنع الفارق العلمي والتنموي في بلادنا، وليست من مشكلة حقيقية في وظائفهم بقدر ما هي مشكلة إدارة لقطار التوظيف الذي يتجاوز كثيرا من المحطات ولا يتوقف لحمل أبناء الوطن الأكفاء وانتشالهم من الإهمال والإحباط.
وزارات التخطيط والخدمة المدنية والصحة والعمل كلها تشترك في معاناة هؤلاء المتعطلين أو الذين لا يجدون وظائف تكافئ شهاداتهم وما يبرعون فيه وبعائد يتناسب مع مستوياتهم العلمية المقدّرة، لأننا وهم مكشوفون بهذا الوضع غير الصحي، وليس في سوق الوظائف الطبية والصحية حالة شح وظيفي وإنما إغراق أجنبي ينبغي النظر اليه بجدية وصورة حاسمة في القطاعين العام والخاص، فهذه الشريحة تمثل عقولا متقدمة وحين تكون على هذا الحال والباحث عن وظيفة وأمان وظيفي فإننا نفقدها وتصبح خصما على مستقبلنا وذلك غير واقعي ولكن حين تعجز الجهات المسؤولة عن معالجته تبقى الحالة الصحية للتنمية بحاجة الى إسعاف.

المصدر : جريدة اليوم - 25 أغسطس 2016م