طلعت زكي حافظ - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 22941

يصادف اليوم العاشر من كانون الأول (ديسمبر) من كل عام ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي أكدت من خلاله الوثيقة الصادرة عنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تبنته الأمم المتحدة في تاريخ العاشر من كانون الأول (ديسمبر) 1948، في قصر شايو في باريس، ويتألف من 30 مادة، الاعتراف بالكرامة المتأصلة في أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة، باعتبارها أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.

من هذا المنطلق نادى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بضرورة احترام الحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فاعلة بين الدول الأعضاء في المجلس العالمي لحقوق الإنسان، حيث جاءت المادة الـ 25، التي تضمنها الإعلان عن حقوق الإنسان، لتؤكد حق كل شخص في أن يعيش مستوىً كافيا من المعيشة؛ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته من حيث التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية، وكذلك حصوله على الخدمات الاجتماعية اللازمة، كما أن له الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته، كما أكدت المادة نفسها، حق الأمومة والطفولة، وأن الطفل يجب أن ينعم بالحماية الاجتماعية نفسها.

بالنسبة إلى الوضع في السعودية وجهودها في المحافظة على حقوق الإنسان في السعودية، وتجنيبها من أن تكون عرضة للانتهاك، فإنها تمتد إلى عقود طويلة مضت من الزمن، منذ توحيد المغفور له – بإذن الله تعالى – مؤسس وموحد المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وجاءت بعد ذلك مواد النظامالأساسي للحكم في السعودية، لتؤكد في أكثر من مادة، على حماية وصيانة تلك الحقوق، حيث على سبيل المثال، أكدت المادة الثامنة من النظام الأساسي للحكم، أن الحكم في السعودية، يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة بين الناس وفق الشريعة الإسلامية، في حين أكدت المادة السادسة والثلاثون على توفير الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب أحكام النظام، بينما أكدت المادة السابعة والثلاثون على حرمة المساكن وألا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها النظام، كما أكدت المادة الثامنة والثلاثون أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي أو نص نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي.

من بين الجهود السعودية للمحافظة على حقوق الإنسان في المملكة، إنشاء هيئة مستقلة لحقوق الإنسان، تحت مسمى “هيئة حقوق الإنسان”، ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، وتهدف إلى حماية حقوق الإنسان وتعزيزها وفقا لمعايير حقوق الإنسان الدولية في جميع المجالات، بما في ذلك نشر الوعي بها والإسهام في ضمان تطبيق ذلك في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، وتكون هي الجهة الحكومية المختصة بإبداء الرأي والمشورة فيما يتعلق بمسائل حقوق الإنسان، ومن بين أبرز اختصاصات الهيئة ما يلي:

– التأكد من تنفيذ الجهات الحكومية المعنية، للأنظمة السارية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، والكشف عن التجاوزات المخالفة للأنظمة المعمول بها في المملكة والتي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة في هذا الشأن.

– زيارة السجون ودور التوقيف في أي وقت دون إذن من جهة الاختصاص، ورفع تقارير عنها إلى رئيس مجلس الوزراء.

– تلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان، والتحقق من صحتها واتخاذ الإجراءات النظامية في شأنها.

– وضع السياسة العامة لتنمية الوعي بحقوق الإنسان، واقتراح سبل العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان في المملكة بين أفراد المجتمع، والتوعية بها، وذلك من خلال المؤسسات والأجهزة المختصة بالتعليم والتدريب والإعلام وغيرها.

من بين الجهود السعودية أيضا للمحافظة على حقوق الإنسان في السعودية، إنشاء الجمعية الوطنية لحماية حقوق الإنسان، التي تنبثق من المجتمع المدني، ومن بين اختصاصاتها العديدة، وفق ما نصت عليه المادة الثالثة من نظامها الأساسي ما يلي:

– التأكد من تنفيذ ما ورد في النظام الأساسي للحكم، وفي الأنظمة الداخلية في المملكة ذات العلاقة بحقوق الإنسان.

– التأكد من تنفيذ التزامات المملكة تجاه قضايا حقوق الإنسان، وفق ما ورد في إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام، وميثاق الأمم المتحدة، والمواثيق والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

– تلقي الشكاوى ومتابعتها مع الجهات المختصة، والتحقق من دعاوى المخالفات والتجاوزات المتعلقة بحقوق الإنسان.

– التعامل مع قضايا حقوق الإنسان في الهيئات الدولية بشكل عام والمنظمات الدولية غير الحكومية بشكل خاص.

وعلى المستوى الدولي، فالمملكة انضمت إلى عدد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وإعلان القاهرة، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أواللاإنسانية أو المهينة، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

خلاصة القول، أن للسعودية جهودا كبيرة في المحافظة على حقوق الإنسان في السعودية في جميع المجالات الحقوقية، سواء المدنية منها أم العامة، أم الخاصة، وكفلت تطبيقها والمحافظة عليها لجميع فئات وأفراد المجتمع، سواء أكانوا مواطنين أم مقيمين أم زائرين للبلاد، الأمر الذي يؤكده تضمين النظام الأساسي للحكم عددا كبيرا من المواد التي تعنى بحقوق الإنسان والمحافظة عليها، إضافة إلى إنشاء هيئة عامة لحماية حقوق الإنسان، وكذلك إنشاء جمعية وطنية للغرض نفسه، لكن وعلى الرغم من تلك الجهود، ستظل عميلة صيانة حقوق الإنسان في المملكة وصيانتها، أمرا مرتبطا ومرهونا بمدى معرفة الفرد في السعودية بحقوقه والتزاماته وواجباته أو باختصار شديد (ما له وما عليه)، ومن هذا المنطلق وبغرض نجاح تلك الجهود الجبارة، فالأمر يتطلب تعزيز وتأصيل القيم والمفاهيم المرتبطة بحقوق الإنسان لدى جميع أفراد المجتمع ونشر الوعي بها، وفقا لما نصت عليه اختصاصات هيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، حيث يصبح لدينا وعي وثقافة حقوقية مرتفعة، تعمل على صيانة الحقوق من الانتهاك وتحقق الأهداف المنشودة للدولة المتمثلة في حماية وصيانة حقوق المواطن والمقيم والزائر على حد سواء، والله من وراء القصد

المصدر : جريدة الاقتصادية -