د. هيثم عبد العزيز ساب - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1118

معظمنا لاحظ امتثال قائدي المركبات بقواعد المرور في الغرب، وكيف يمارس قائدو السيارات هناك ما فشلنا نحن في ممارسته واتّباعه، وهو الأخلاق والذوق العام.

وكم تمنينا -على سبيل المثال- أن نشاهد السائق السعودي يوقف سيارته في الموقف المناسب، دون أن “يعزق” أحدًا بغير اكتراث، أو يقف في المسار الجانبي معيقًا الآخرين من الاتجاه يمينًا أو يسارًا، أو أن يقف مُحتَرِمًا حق الآخرين في عبور الطريق.

ولكن إذا كانت القيادة عندنا -وللأسف- تشتمل على جميع أنواع المخاطر والصعوبات، فما بالك بالرعب الذي يواجهه المشاة؟ لأن القاعدة في شوارعنا الفسيحة هي أن مَن اضطر إلى المشي في شارع عام فهو مُعرَّض للدهس لا محالة، ولنقف ونسأل أنفسنا: ألسنا أولى من الغربيين باتّباع قواعد الأخلاق، واحترام الآخرين؛ لأننا مسلمون؟ ولعلنا نأخذ نموذجًا آخر في باب احترام قواعد المرور، فبعد أن مكثتُ في بريطانيا لفترة من الزمن، دُهشتُ لمدى احترام الإنجليز الشديد لقواعد المرور، وبالذات للتقاطعات والدوارات (حتى ولو كانت صغيرةً جدًّا، وكان قُطر الدائرة فيها مترًا واحدًا)، وكأنّ ذلك جزء من كتابهم المقدس، وتجد السائق الإنجليزي ينتظر خارج الدوار لمدة طويلة، ولا يتجرّأ أبدًا بالدخول إليه إلاّ بعد التأكّد من خلوّه تمامًا من أي سيارة قادمة، ولكن أن يحصل شيء مشابه لهذا في التقاطعات أو الدوارات عندنا لهو -حقيقةً- ضربٌ من الخيال، وذلك لأن الأفضلية عندنا للقوي -عفوًا للمُتهوِّر- الذي لا يعبأ لمن في داخل الدوار، فتجده يُقبل بمنتهى السرعة من خارج الدوار بكل تهور ولا مبالاة، فيقف له من بداخل الدوار بكل احترام وتقدير خوفًا على سياراتهم، أو بالأحرى على حياتهم من التعرض للهلاك بسبب التهور واللامبالاة السائدة لدى الكثير من السائقين، وكل ذلك بعكس نظام المرور المتعارف عليه في الدول المتقدمة.

رغم كل ما أثير سابقًا عن فشل فكرة الدوّار في بلادنا أصلاً، وتم تغييرها بإشارات مرور، ولأنك أحيانًا تجد بعض رجال المرور أنفسهم يقترفون أشكالاً من المخالفات والتجاوزات، فيجب أن تبدأ عملية التوعية والتثقيف بهم أولاً، لكي يكونوا قدوة لغيرهم من السائقين.

المصدر : جريدة المدينة - 16 جماد الآخر 1434هـ الموافق 26 أبريل 2013م