بدور بنت عبد الرحمن أبوعمه - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1471

يضيف التعليم العالي للأفراد معرفة أشمل للأمور المحيطة بهم ويرفع مهارات التفكير والتحليل المنطقي، كما يساعد على تطوير الذات مما يؤثر بشكل إيجابي في المجتمع بأكمله. يرى بعض الباحثين أن البلدان المتميزة بتعليمها العالي وارتفاع جودته، تنخفض فيها نسبة البطالة والجريمة ويظهر في هذه الدول تحسن في الصحة العامة كما يميل أفراد المجتمع المتميز بتعليمه، إلى المشاركة والإسهام في تحسين وتطوير مجتمعاتهم.

أشارت دراسة لمركز التعليم والدعوة إليه في نيويورك عام 2010. أن نحو 58 في المائة من خريجي التعليم العالي عبروا عن رضاهم الوظيفي، بينما أفاد 50 في المائة من خريجي المدارس الثانوية و40 في المائة من الأفراد دون شهادة الثانوية عن رضاهم الوظيفي، حيث يحدد الرضا الوظيفي عدة عوامل مثل خصائص الوظيفة والدخل الشهري والمنصب الوظيفي، ويؤثر الرضا الوظيفي في إنتاج الأفراد وبالتالي يزيد القدرة الوطنية على النمو الاقتصادي.

يعتقد البعض من ذوي الدخل المحدود أن التعليم العالي ليس إلا رفاهية زائدة يخسر فيها الفرد وقته عوضا عن العمل والبدء بتكوين الذات. ويعتبر البعض في البلدان التي لا يتوافر فيها التعليم العالي مجانا، أن الدراسة الجامعية ليست إلا صراع مثقل بالديون. من جهة أخرى، تدرك عديد من الدول المتقدمة أهمية التعليم العالي وأثره في تحسين مستوى بلدانها، فتميل هذه الدول إلى تذليل جميع الصعوبات التي قد تعوق بعض الطلبة من إكمال دراستهم الجامعية، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية والمستوى المعيشي للراغبين في إكمال دراستهم الجامعية. وتؤجل بعض هذه الدول دفع الرسوم الدراسية حتى يتخرج الطالب ويتمكن من الحصول على عمل، تسهيلا للطلبة وترغيبا لهم في تحسين مستواهم التعليمي.

أفاد تقرير فوائد التعليم العالي للأفراد والمجتمع عام 2010، أن نسبة المدخنين من خريجي الجامعات والكليات وخريجي الثانوية بلغت 48 في المائة، بينما لم تتجاوز نسبة المدخنين من ذوي التعليم فوق الجامعي 6 في المائة. كما يلاحظ أن ذوي التعليم العالي يميلون إلى الاهتمام بصحتهم بشكل أكبر نظرا لإدراكهم لما قد يضرهم أو ينفعهم. كما يميل المتعلمون إلى توفير رعاية أكبر لأبنائهم وتهيئتهم لأن يكونوا أفرادا نافعين في مجتمعاتهم. فقد أشارت الإحصائيات إلى أن مدى استعداد الأطفال من ثلاث إلى خمس سنوات لدخول المدرسة ورغبتهم في التعليم وتحقيق المزيد من التقدم العلمي ترتفع بارتفاع تعليم الأبوين، حيث إن الأطفال أبناء خريجي التعليم الجامعي القادرين على تمييز جميع حروف الهجاء، على سبيل المثال، يصل إلى ضعف عدد أبناء خريجي الكليات المتوسطة والمرحلة الثانوية، ولا يستطيع أيّ من هؤلاء إكمال العد إلى الرقم 20 سوى 51 في المائة مقارنة بقدرة أطفال خريجي الجامعات الذين وصلت نسبتهم 80 في المائة.

وفي هذا السياق تعمل فنلندا على دعم طلبتها بمساعدات مالية ومكافآت لإكمال تعليمهم الجامعي، التي تبين أن الحكومة تتمكن من استعادتها عن طريق الضرائب بعد تخرجهم بمدة قصيرة بسبب ارتفاع رواتب خريجي التعليم الجامعي مقارنة بالتعليم دون الجامعي، وبالتالي فإن التعليم الجامعي هو أحد أنواع الاستثمار ذات العوائد العالية على الدولة والمجتمع. آمل أن تعمل وزارة التعليم العالي في المملكة على قياس العائد على المجتمع في الاقتصاد والتنمية والصحة من استثمار الدولة في التعليم العالي.

المصدر : جريدة الاقتصادية - 7محرم 1435 هـ الموافق 11 نوفمبر 2013م