د. عبد الوهاب بن عبد الله الخميس - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1612

 

تلقيت بعد مقال الأسبوع الفائت ملاحظات من قبل بعض العاملين في القطاع الخاص من غير السعوديين تتعلق بعدم وجود آلية لتلقي ذويهم الرعاية الصحية التي يستحقونها خصوصا ذوي الدخل المحدود. لا شك أن تطبيق التأمين الصحي على العاملين في القطاع الخاص من غير السعوديين يتطلب تشريعات مساندة أخرى تسهم في دعم هذا القرار في تحقيق أهدافه. كما تقلل من الطلب على الخدمات الصحية الحكومية من قبل الوافدين غير المؤهلين للعلاج في المستشفيات الحكومية. فأحد أهم أهداف تطبيق التأمين الصحي توفير الرعاية الصحية وتنظيمها لجميع المقيمين غير السعوديين كما نصت عليه المادة الأولى من نظام الضمان الصحي التعاوني. لكن تظل بعض عائلات المقيمين من الفئات التي لم يشملها النظام. كما أن هناك فئات من المقيمين من أصحاب الدخل المحدود من ليس لديهم تأمين صحي لأسباب عديدة ليس هذا المجال لطرحها.

لذا ففي حالات صحية حرجة كالنساء والولادة وعيادات الأطفال وغيرها لا تمتلك تلك الأسر مصاريف التكلفة الصحية. هذه الفئات من الوافدين تحتاج إلى إيجاد آلية عملية للتعامل معها خصوصا وأن أغلبهم من الأطفال والنساء وأصحاب الدخل المحدود. فمن جهة لا يمكنهم العلاج في المستشفيات الحكومية لعدم أهليتهم للعلاج فيها ومن جهة ثانية غالبيتهم لا يملكون قيمة الفاتورة العلاجية المطلوب دفعها لمستشفيات القطاع الخاص. كما أن هناك فئات من المواطنين تحتاج إلى رعاية صحيحة مستعجلة، لكن لا يمكنهم الحصول عليها في ظل تكدس قوائم الانتظار في بعض المستشفيات الحكومية، على الرغم من أن نظام وزارة الصحة الجديد يتيح علاج المواطنين في مستشفيات القطاع الخاص في حالة عدم توافر الرعاية اللازمة من قبل المستشفيات الحكومية.

لذا فإن إيجاد تشريعات تحكم علاج فئة محدودي الدخل من الموطنين أو المقيمين خصوصا من فئة الأطفال والنساء تتطلب مزيدا من الاهتمام. أخيرا أصبح لدينا العديد من الجمعيات الصحية الخيرية كجمعية زمزم وجمعية رعاية وغيرها تقدم الرعاية الصحية لأصحاب الدخول الضعيفة والعاجزين عن دفع التكلفة العلاجية. فمثلا حاليا يوجد أكثر من 100 استشاري يعملون بشكل تطوعي في جمعية عناية في مقر الجمعية الخيرية لجمعية عناية في جنوب الرياض، كما صرح بذلك الدكتور عبد العزيز القباع أمين عام جمعية رعاية. لا شك أن محبة المجتمع للعمل الخيري أسهمت في سرعة تأسيس العديد من الجمعيات الخيرية الصحية في أنحاء متفرقة من السعودية. فجمعية رعاية وجمعية زمزم وغيرها بدأت تمارس دورا إيجابيا في تحقيق هذا التوازن في طلب الخدمة على الرعاية الصحية خصوصا من أصحاب الدخول المحدودة سواء من المواطنين أو المقيمين. وما يميز هذه الجمعيات بعدها عن المركزية مما يتيح لها تحديد احتياجات كل منطقة بعيدا عن التسلسل الإداري المحبط. لكن مع البعد عن المركزية في العمل بين الجمعيات الصحية الخيرية لا بد من إيجاد تشريع يضع للعمل التطوعي أسسا واضحة تساعده على تبني العمل المؤسساتي البعيد عن الفردية في اتخاذ قراراته. فمن إيجابيات عدم المركزية بين الجمعيات الخيرية الصحية أن كل جمعية يمكنها العمل بجد في تطوير خدماتها وزيادة الشريحة المستهدفة حسب احتياج كل منطقة الذي ليس بالضرورة احتياج باقي المناطق. لكن تظل هذه الجمعيات في حاجة إلى تشريعات تسهم في تقنين العمل الخيري بشكل عام؛ لذا فإني أتفق مع مطالبة الأمين العام للجمعية الخيرية الصحية لرعاية المرضى ”رعاية” الدكتور عبد العزيز القباع بسرعة إنجاز مشروع نظام التطوع في المملكة. أتمنى صدور تشريع يدعم العمل الخيري الصحي، خصوصا أن هذه الجمعيات تسهم بصورة غير مباشرة في تقليل الطلب على الخدمات الصحية الحكومية من غير المستحقين للعلاج فيها.

المصدر : جريدة الاقتصادية - 20 محرم 1435 هـ الموافق 24 نوفمبر 2013م